إن مشكلة رئيس وزراء كندا ووزارة خارجيته يطالبون المملكة العربية السعودية بالقفز الدورماتيكي السريع في كل القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بشكل فاستفودي مع اعترافهم للإصلاح الملك وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الوقت الذي فيه كل كندا بكل قوتها ولمئات السنين عاجزة عن علاج انغلاق طائفة الأميش المسيحية عندهم، ولم تستطع فرض قانون تعليم السياقة للمرأة الأميشية وحتى الرجل أو إدخال فكرة أهمية استخدام الكهرباء حتى في عقول مفتيهم، ثم تأتي بيوم وليلة وبوصاية فوقية ونرجسية وعناد وأستاذية متضخمة تريد فرض قانون إزالة وصاية الرجل على المرأة في السعودية.
هذا الأمر يتم نقاشه بشكل علمي وقانوني، ومدني وبتدرج ومقنع، وليس بالصراخ والنزول بالمطارق. الأميش طائفة مسيحية متمسكة بقيمها التي نشأت قبل ثلاثة قرون أو يزيد وضد الحداثة أو أي تغيير أو تطور. ويبلغ عدد الأميش حاليا زهاء 249 ألف موزعين على 22 منطقة مأهولة في الولايات المتحدة، وفي ولاية أونتاريو في كندا كما هي بعض المصادر منها ويكيبيديا الموسوعة الحرة، وأذكرها من مصادر بشكل مختصر: نشأت في القرون الوسطى، وهربت من أوربا لأمريكا وكندا بسبب الاضطهاد. لم تستطع ولا حكومة أمريكية ولا كندية، ومنهم رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو السيطرة عليهم أو دمجهم في المجتمع، ورغم ذلك ظلت الحكومات تتوددهم، وتسعى لطبيب اسمه الوقت لتغييرهم.
طائفة الأميش لا تؤمن بالتغيير، فهم يؤمنون بالالتزام بالعيش كما جاء بالأنجيل نصا حرفيا. رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو لم يستطع إقناعهم لا بالكهرباء، ولا استخدام السيارات، ولا قبول الجامعات أو الإنترنيت ولا حتى النقود، فأين قوته؟ أين نرجسته الثقافية هو وغيره في تطبيق كل ما يريدونه؟ نعم مجلس الفتوى يجوز للأميش ركوب السيارة اضطرارا ما دام لا يقودها لذلك يستخدمون الأحصنة والخيول عوضا ! فأين وزارات كندا من ذلك؟ وهم لا يؤمنون بإدخال أطفالهم للمدارس، وهذه من المضحكات المبكية! بل الدولة خضعت لفكرهم، يقول المصدر ((أنه في عام 1972 تم إصدار قانون خاص بهم يستثني طائفة الأميش من التدريس الإلزامي، والبنات البالغات والنساء عند الأميش يلبسن زيا محافظا جدا، فهن لا يلبسن إلا الأكمام الطويلة واللباس الفضفاض الطويل، متحجبات، ولا يسمح لهن بقص شعورهن. والرجال لا يحلقون لحاهم أبدا حتى لو وصلت لحاهم للأرض. وهذه الطائفة تحرّم التصوير. بل إن لعب البنات “الباربي” التي يلعب بهن البنات ممحي عنها صورة الوجه)). إنهم يحرمون الموسيقى والبيانو والمعازف. بكل أنواعها ولا يؤمنون بالتأمين، ولا شركاتها، فهم يعتبرون كل شيء من الله وقضاء وقدر، لا يستخدمون الهواتف النقالة، بل ولا حتى الهواتف الأرضية ولا الكمبيوتر. وقد تبرعت الحكومة الكندية، وبنت لهم خارج بيوتهم كبائن على شكل أكواخ للاتصال في حالة وجود طارئ أو ما شابه. وهم لا يشربون الكحول. قد يسمحون للنساء بالقيادة للضرورة القصوى، وبشرط أن يكون معها نساء أو بالغين.
وفي مصدر آخر يقول “يهجرون الأعضاء الذين لا يلتزمون بمبادئهم، فلا يكلمونهم أو يتعاملون معهم بهدف الضغط عليهم؛ لكي يتوبوا”. طبعا إذا تم تعميدهم ويسمحون للشباب تجربة المدنية بكل ملاهيها ولهم الاختيار. طبعا لا يلتحق الأميش بالمدارس الحكومية أو بالجامعات، كما أنهم لا يقبلون أي أموال من الحكومة ولا يترشحون للانتخابات.
لست هنا في مقام نقد هذه الطائفة، ولا فرض وصاية الرجل على المرأة، وأنا أؤمن بالوسطية، لكن ما أريد قوله إن أسلوب الاستفزاز والأستاذية ليس حلا في عالم الأفكار، وإن عالم الأفكار يقوم على الحوار الحضاري، وليس استفزاز الدول، حتى تطبيق مبادئ حقوق الإنسان لا تتم بالابتزاز الإعلامي. رئيس وزراء كندا عاجز عن إقناع مواطنيه بأهمية إدخال كهرباء لمناطقهم أو قبول هذه الطائفة بإلحاق أبنائها المدارس، فيأتي بأستاذية لفرض علينا ما يؤمن به بشكل استفزازي. السعودية بقيادة خادم الحرمين وسمو الأمير محمد بن سلمان تسعى على الدوام للتحديث، وإصلاح المملكة في مجالات شتى، ويجب أن نبارك الخطوات لا أن نكون حجر عثرة في طريقها، وأن ندلل الصعاب بالإصلاح المنطقي.