ساهم حرج وقلق الوضع الداخلي الإيراني في إظهار الوجه الحقيقي لهذا النظام الذي يعيش في متاهة لا يعرف كيفية الخروج منها، خصوصا بعد أن وضع كل أوراقه وأمله وثقته في الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع الدول الكبرى، وهو الاتفاق الذي يبدو أنه يعيش أيامه الأخيرة، ما انعكس بشدة على تصريحات المسؤولين الإيرانيين، حيث هدد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي الأوروبيين بأنه إذا لم يثبت الاتحاد الأوروبي ودول أخرى تدعم الاتفاق النووي الإيراني، معارضة سياسة الولايات المتحدة الأميركية في الوقت المناسب، فسوف يواجهون مستقبلاً مروعاً وانعدام أمن غير مسبوق في المنطقة والعالم إذا ما انهار الاتفاق، بينما حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني واشنطن بأنها ستندم على التخلي عن الاتفاق النووي كما لم يحدث من قبل.
ولم ينس روحاني تحميل الآخرين مسؤولية ما هم فيه من مشاكل وأزمات، حيث اتهم وسائل إعلام “الأعداء” بأنها هي التي تخلق القلق لدى الشعب الإيراني، مؤكدا وجود حرب نفسية يشنها الأعداء، ورغم هذا الهلع الذي تعيشه إيران مع اقتراب دخول العقوبات الأميركية حيز التنفيذ في أغسطس المقبل، وضياع “الكنز” الذي كان سيحقق أمانيها في التفاف الشعب حول النظام وتمكين الأخير من مواصلة عنترياته الخارجية، إلا أن الرئيس روحاني حاول الثبات أثناء خطاب تلفزيوني أذيع مؤخرا بمناسبة المؤتمر السنوي الذي تنظمه السلطة القضائية، داعيا إلى الوحدة الوطنية من أجل الحفاظ على “ثقة” و”أمل” الشعب من أجل الانتصار على كل المشاكل.
لكن، كيف يمكن أن تأتي هذه الثقة وهذا الأمل لشعب يعيش وضعًا مزريًا تسبب مؤخرًا في إضراب تجار البازار الكبير في طهران، وهم معروفون بأنهم داعمون تقليديون للنظام، وذلك احتجاجًا على التدهور المستمر في قيمة الريال الإيراني، بالتزامن مع استمرار وتفاقم الاحتجاجات التي تعد الأكبر منذ عدة سنوات ضد الأوضاع الاقتصادية في إيران التي تواجهها السلطات بالاعتقال وإطلاق الغاز المسيل للدموع ووصف المتظاهرين بالخونة والمفسدين في الأرض.