العدد 3450
الإثنين 26 مارس 2018
banner
الوطنية في الكتاب كالحالم بالسراب
الإثنين 26 مارس 2018

سأعتبر أنني استأذنت من الزميلة إيمان مرهون أن أقتبس جزءاً من حديثها في ندوة جمعتنا قبل أشهر قليلة في إحدى الجمعيات الشبابية حين أتى الحديث على ذكر أهمية مناهج التربية الوطنية، فقالت مرهون إنها عاشت مرحلة الابتدائية في جمهورية مصر العربية، وهناك تلقت التعليم كأية طالبة مصرية، ومن ضمن ما درسته، وحفظته، وأدّت اختباراته، مادة التربية الوطنية، وتتساءل: هل هذا حوّلني إلى مواطنة مصرية؟!

يأتي هذا الحديث في خضم المناقشات التي تدور بين الفينة والأخرى عن أهمية “غرس” حب الوطن في نفوس الأبناء وهم صغار، حتى يكبرون وهم ينتمون إلى وطنهم وترابه، ويعرفون كيف يدافعون عنه. لأترك جيلي الذي كان أول من تلقى منهج “التربية الوطنية” في المرحلة الإعدادية في سبعينات القرن الماضي، ولكن من لم يتلقوا هذه الدروس من الأجيال التي سبقت، ليس في البحرين وحسب، ولكن في جميع دول المنطقة العربية، فربما كان السابقون أكثر “وطنية” ممن سواهم، حيث لم يكن يشاغب الوطن أي شيء، وعندما كانت القيم الوطنية ليست مجالاً للمناقشة، وعندما كانت الساحات جميعها بكراً للعمل الوطني، ولأن تكبر فيها الأحلام، وأن توضع الأسس الأولى لكل الأعمال الجليلة التي تغزو المخيلة الجمعية لشباب وشابات، كان الوطن همّهم، والوطن مبدأهم ومنتهاهم، وكان عطاؤهم الطوعي من أجل الوطن وأهله، وهذا أيضاً أمر مشروع مادام النبض وطنياً من المبتدى إلى المنتهى.

تثبت السنون أنّ حب الأوطان لا يجري تعليمه وتلقينه، إنما يتم تشرّبه في المسام ومن أدقّ الشعيرات الدموية في الأجسام، هكذا يتبدّى الحب الذي لا يريد شيئاً ولا يطمح إلى شيء، ولو وُضع في موازين الربح والخسارة، فالمحب سيظهر خسراناً دائماً لأنه لا يملّ من البذل والعطاء لمحبوبه.

وأكثر ما يصدق في باب “الوطنية” قول الشاعر العراقي الشيخ أحمد فرح عقيلان: “إنّ ألفي قذيفة من كلامٍ... لا تساوي قذيفة من حديدِ”، وكذلك فإن ألفيْ درس نظري في الوطنية، ومحفوظات في الصفوف، ومسكوبات على أوراق الاختبارات، لا معنى كبير لها إن لم تتعزز بالأعمال التي تجري على الأرض.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .