لعلها من المرات القليلة التي تُقبل فيها دورة كأس الخليج العربي لكرة القدم دون سابق إنذار. هكذا وجدنا أنفسنا نتهيأ لانطلاقتها اليوم في الكويت الحبيبة.
لكننا نعلم مسبقا أن النسخة رقم 23 من البطولة تأتي في فترة غير طبيعية مع تصاعد الخلافات السياسية الخليجية. ويمكن القول إن الكويت أنقذت كأس الخليج من الفشل بعد أن كانت ستقام في الدوحة وسط مقاطعة السعودية والبحرين والإمارات.
لذلك نحن نتحدث اليوم عن بطولة تسير على خيط رفيع إلى ضفة مجهولة، لكنها فرصة لترقب أحداث مثيرة وغير متوقعة، سواء داخل المستطيل الأخضر وخارجه، ولعل الانسحابات التي حدثت أمس في المؤتمرات الصحافية من قبل السعوديين والإماراتيين مؤشرا واضحا على ما نذهب إليه.
هذا يؤكد أيضا أن النسخة 23 تعتبر تحديا كبيرا لدورة كأس الخليج التي انطلقت قبل 47 عاما؛ بهدف جمع الأشقاء الخليجيين في أجواء تنافسية حبية تسودها روح الأخوة، فلا يوجد وقت اشتد فيه الخلاف بين الأشقاء أكثر من هذا الوقت، وهو ما يجعل من الدورة فرصة حقيقية لأن تحقق أهدافها بأن تدفع باتجاه تهدئة النفوس بسبب الخلافات السياسية العميقة في وجهات النظر لما يحدث في اليمن وسوريا ومصر وغيرها من البلدان المشتعلة.
مبدئيا يعد إقامة البطولة في موعدها نجاحا كبيرا، ولكنها خطوة أولى نحو تحقيق قدرا من التآخي بين الدول الثمان المشاركة، غير أن الخطوات اللاحقة ستكون على حقل مليء بالألغام، والحذر هنا واجب على جميع الأطراف، وهو ما يتطلب الابتعاد قدر المستطاع عن الانفعال واختلاق المشكلات والمشادات ذلك أن الوضع الحالي لا يسمح بمثل هذه الأخطاء المكلفة.
وعلينا أن نتذكر جيدا أن هذه البطولة الكروية من شأنها إثبات أن عقد الخليجيين مازال قائما ولم تتناثر سبحته، وأن السياسة لم تؤثر على الرياضة رغم الخلافات الحاصلة، وأن كرة القدم التي نعشقها كخليجيين ربما تخفف علينا المحن وتبرد حرارة الأجواء.
لذلك، علينا أن نتعامل مع هذه البطولة بمسؤولية، علينا أن نقدر دور الكويت في استضافتها، وعلينا تقدير دور قطر بالتنازل عن دورها في الاستضافة، وعلينا أن نقدر دور البحرين والسعودية والإمارات بالمشاركة، كل بلد لعب دورًا وتنازل عن موقفه لتقام البطولة في موعدها، وهذا بحد ذاته نجاح كبير.