العدد 3355
الخميس 21 ديسمبر 2017
banner
الثورة السورية التي انتصرت (2)
الخميس 21 ديسمبر 2017

منذ سقوط دماء المتظاهرين السلميين في الشهر الأول للثورة في مارس 2011، تحدثت في أكثر من مقالة عن سيناريو تحكمه معادلات دولية، عمادها ثلاث: إسرائيل والنفط والموقع الجيبوليتيكي لسوريا، حيث الموقفين الإيراني والروسي، وتحدثت بما يشبه التفصيل عن السيناريو الإسرائيلي المطروح لسوريا، إما أن يئد آل الأسد الثورة في مهدها أو يفنى البلد، وفي هذا ما وصفته آنذاك بسيناريو تزمين الثورة، وتحولها لثورة مزمنة كي يبقى آل الأسد طرفا في سوريا مهما تدمرت، كما نبهت لاحقا من السيناريو السوداني حيث إن الرئيس عمر البشير ملاحق قضائيا من محكمة الجنايات الدولية، وبقرار من مجلس الأمن أيضا، ومع ذلك أعادوه دوليا، وبشار الأسد لم يتم قانونيا تجاهه أي إجراء دولي، بالتالي إعادته للحظيرة الدولية أسهل بما لا يقاس، تزمين الثورة يعني على الأرض صوملة سوريا، الطرف الوحيد الذي يريدونه أن يخسر فيها هو الشعب السوري الذي فاقت تضحياته من أجل حريته وكرامته تضحيات أي شعب آخر في المعمورة، مع ذلك حتى كتابة هذه المادة لا يزال بشار الأسد تحت الحماية ليس الروسية والإيرانية فقط بل الغربية، وعلى رأسهم أميركا، ليس لأنهم يخافون من البديل – إسلامي أو علماني - هذا آخر همهم، بل لأن أميركا تريد أيضا أن تحقق خياراتها، نستطيع القول ببساطة، لو أن الثورة لم تنتصر، هل كان أوباما يسمح لإيران وروسيا وكل ميليشيات إيران الطائفية، بالدخول لسوريا؟ هل كان يسمح بدخول مرتزقة القاعدة وداعش؟ انتصار الثورة هو الذي أريد احتلاله ماديا ورمزيا، هو الذي يريدون “تعفيشه”، إننا الآن في سوق الثورة، كل يعرض بضاعته المنهوبة منها، تماما كما انتشر في مناطق سيطرة النظام ما عرف بسوق السنة، حيث جيش الأسد يعرض ما نهبه من بيوت الناس للبيع، كل هذه الأطراف والتيارات والأشخاص، الآن يقومون ببيع بضاعتهم التي عفشوها ماديا أو رمزيا، بعد احتلال الدول للثورة السورية.

لاحظوا الآن: أميركا تسيطر على غلة العملة الصعبة في سوريا، الجزيرة السورية، روسيا وإيران تسيطران على القرار السوري في المناطق التي تحت سيطرة الأسد! وتركيا أخذت قسما من الشمال السوري، إضافة لمناطق داعش وجبهة النصرة، ومناطق خفض التصعيد التي يسيطر على معظمها الجيش السوري الحر، عن أي انتصار يتحدثون؟ من جهة أخرى الدول التي دخلت سوريا لن تخرج، أبدا بعد اليوم، فعن أي انتصار للأسد تتحدثون؟ من المهم أيضا عرض جملة المساومات، والصفقات الرخيصة دوليا وإقليميا، بين الدول من أجل احتلال الثورة السورية، بدءا بالاتفاق النووي الأوبامي وانتهاء بعودة سعد الحريري من الرياض والعدول عن استقالته، عموما هذه الصفقات لوحدها تحتاج لبحث خا، هل كانت ستجري هذه الصفقات لولا الاحتلال الدولي للثورة السورية؟. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .