العدد 3217
السبت 05 أغسطس 2017
banner
ما بعد الليبور.. فرصة للبحرين والبنوك الإسلامية
السبت 05 أغسطس 2017

أعلنت هيئة الرقابة المالية البريطانية أن المملكة المتحدة ستلغي مؤشر سعر فائدة “ليبور” بنهاية عام 2021. وقال أندرو بيلي الرئيس التنفيذي لسلطة السلوك المالي إن العمل يجب أن يبدأ بجدية في التحول إلى مؤشر بديل أكثر كفاءة، متوقعًا أن يتم ذلك في نهاية عام 2021. وأضاف إن المؤشر أصبح غير كفء لقلة عدد المعاملات التي يتم تسعيرها على أساسه، بالإضافة إلى غياب بيانات حول حجم الصفقات.

ومؤشر “ليبور” يقيس متوسط أسعار الفائدة التي تقدمها البنوك الكبرى في لندن في حال الاقتراض من بنوك أخرى. ويعد الليبور مقياسًا لتسعير منتجات مالية تزيد قيمتها على 350 تريليون دولار، لكن سمعته تضررت إثر سلسلة من عمليات التلاعب بمؤشر معدل سعر صرف العملات الأجنبية، والتي تورطت فيها بنوك كبرى أدت إلى تكبدها غرامات تصل إلى 10 مليارات دولار.

وتقوم جمعية المصرفيين البريطانية (BBA) بوضع معدل الليبور يوميًّا باستخدام البيانات المقدمة من البنوك الكبرى في جميع أنحاء العالم والتي تشكل في مجموعها هيئة مساهمي الليبور. ويتم إجراء مسح عبر لجنة تضم 223 من البنوك العالمية الكبرى في 60 بلدًا بشكل يومي.  ويستخدم الليبور كسعر مرجعي لمئات الصكوك والمنتجات المالية - وبالتالي لا يقتصر تأثيره على أنشطة المتداولين بل يتعداها إلى أسعار الفائدة التي تضعها بنوك التجزئة لمنتجات عملائها مثل القروض العقارية وبطاقات الائتمان، وتكاليف استردادها.

لكن المؤشر تعرض لأكثر من هزة مالية على مدار العقد الماضي. ففي العام 2008، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن تلاعب تقوم به البنوك البريطانية فيما بينها بالمؤشر من أجل التربح، وهو الأمر الذي دفع إلى مطالبات واسعة بتغيير السياسة النقدية لبنك إنجلترا، وطالت الشبهات أعضاء مجلس البنك بالتغاضي عن هذه الأعمال. في يوليو 2012، تحدثت صحيفة فاينانشال تايمز عن إمكانية حدوث تلاعب في أسعار الليبور منذ عام 1991 (تم إنشاء نظام الليبور عام 1984)، وذلك من قبل بنوك أعضاء في اللجنة تقوم بتقديم معلومات غير صحيحة في المسح الاستقصائي.

وشهد النصف الثاني من عام 2012 تعرّض عدد من أكبر المؤسسات المالية لغرامات بسبب ما يُعتقد أنه تلاعب في الملفات المقدمة إلى جمعية المصرفيين البريطانيين لتجميع سعر الفائدة القياسي بين بنوك لندن (ليبور) الصادر عن تلك الجمعية. بالإضافة إلى ملاحقة من يُعتقد أنه متورط في ذلك التلاعب. كما قام المشرّع أيضًا باتخاذ خطوات كبيرة لإصلاح الليبور نفسه والطريقة التي يتم تحديده بموجبها.

وصدرت الإصلاحات المقترح إدخالها على الليبور عن مارتن ويتلي، المدير التنفيذي لهيئة الخدمات المالية والقائم بأعمال الرئيس التنفيذي لهيئة الممارسات المالية في المملكة المتحدة في التقرير المسمى تقرير ويتلي الذي تم نشره في 28 سبتمبر 2012. ومن بين الإصلاحات التي تم اقتراحها أن تنقل جمعية المصرفيين البريطانية إدارة تحديد سعر الليبور إلى جهة تنظيمية مستقلة في المملكة المتحدة، على أن يتم تعيينها من قبل هيئة الخدمات المالية، والتي تسعى للحصول على صلاحيات محاكمة البنوك المتورطة في عمليات التزوير، كما تخطط لإصلاح نظام الليبور. كما تشمل التغييرات تبديل البيانات اليومية التي تقدمها البنوك كي تصبح مستندة إلى معاملات حقيقية بدلاً من صفقات افتراضية مع نشرها في نهاية المطاف بتأخر زمني يصل إلى ثلاثة أشهر. وثمة اقتراحات متداولة منذ فترة باستعمال مؤشرات أخرى، من بينها Sterling Overnight Index Average وSwap Rates و Repo.

وبطبيعة الحال، نحن نرى أن التعجيل باستبدال الليبور بمؤشر مرجعي آخر له علاقة بخروج بريطانيا من السوق الأوروبي، وعدم وضوح الترتيبات التي سوف تفرض على أسواق المال البريطانية في تعاملاتها مع أسواق المال الأوروبية الأخرى. لكن في كل الأحوال فإن أي إصلاحات في وضع الليبور سوف تؤثر على كلفة ممارسة الأعمال التجارية في دول مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي ينبغي أن تكون ذات أهمية للمقرضين والمقترضين على حد سواء.

لذلك، فإننا نود أن ننوّه إلى قضيتين هنا. الأولى وهي أن استبدال الليبور يمثل باعتقادنا فرصة سانحة للمراكز المالية العالمية الأخرى، ونقصد هنا البحرين تحديدًا أن تسعى للترويج للمؤشرات المرجعية لأسعار الفائدة الخاصة بها، وهو البيبور الذي مضى على إنشائه أكثر من عشرين سنة ويتم حاليًّا الإعلان عنه بصورة يومية لمدد مختلفة. وصحيح أن سوق الودائع ما بين البنوك بالدينار البحريني محدودة نوعًا مقارنة بالمعاملات في الأسواق العالمية، ولكن تكاتف جهود الجهات الرقابية والبنوك من أجل إكسابه مصداقية وشهرة أكبر سوف يسهم في جعله مرجعًا لأسواق مالية أخرى في تسعير أسعار الفائدة على الودائع والتمويلات وغيرها.

أما القضية الثانية، فهي أن على البنوك الإسلامية أن تسعى لاستبدال استخدامها مؤشر الليبور بمؤشر يلبي احتياجات المعاملات الإسلامية، خاصة بعد أن أثبت المؤشر فشله والشك في صحته. كما أن ذلك يؤثر بشكل سلبي على الصورة الذهنية للمصرفية الإسلامية ويوحي بعجزها عن إيجاد مؤشر بديل يتفق مع صيغ التمويل الإسلامي.

إن إيجاد بديل للمؤشر هو أمر يبدأ بالمصارف الإسلامية نفسها من خلال تطوير وتصميم منتجات مالية أصلية تعتمد على صيغ المشاركة التي تميزها عن البنوك التقليدية، ومن ثم توفر اللبنة الأساسية لتطوير مؤشرات مالية إسلامية بديلة عن المؤشرات المرتبطة بمعدلات الفائدة.

 

(نقلا عن CNN عربية)

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .