العدد 3084
السبت 25 مارس 2017
banner
“كونوا مع الصدق صادقين”
السبت 25 مارس 2017

جوهر الحياة يكمن في المثل والمبادئ الأخلاقية العظمى، فلا حياة بلا قيمة سواء مادية أو معنوية، ولكن هناك فارق كبير بين القيم المادية والمعنوية لصالح الأخيرة بالطبع، ولن ندخل في التفاصيل واتساع الهوة بينهما فحتما كل ما هو مادي إلى فناء وكل ما هو معنوي إلى بقاء، تفنى المادة ولا يفنى المعنى، بقاء المعاني والقيم الأخلاقية السر الساري في جسد الأمة والمجتمع الواحد وصدق أحمد شوقي في قوله (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا).

ولعل أعلى وأرفع القيم الأخلاقية وأكثرها فاعلية وترجمة على أرض الواقع هي قيمة (الصدق) وهي جوهرة تاج القيم الأخلاقية والإنسانية وهي التي بها يقوم الاعوجاج في كل شيء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا).

وللصدق درجات وتفصيلات أكبر لا يدركها إلا أصحاب الذائقة المعرفية الإيمانية من الصالحين، فالصدق لديهم هو أن لا يكذب اللسان والصديقية هي أن لا يكذب القلب بمعنى أن الكذب لا يخطرعلى قلوب من هم موصوفون بالصديقية. وإذا نظرنا إلى عظماء كل أمة من فلاسفة ومفكرين وقادة سياسيين واجتماعيين وإلى هذا الكم الرهيب من الإنجازات التي حققوها علميا وسياسيا واجتماعيا نجد أن قوة الدفع لديهم لتحقيق ذلك في زمن طال أو قصر هو الإيمان بالله والصدق والثقة بالنفس، وذلك الأمر يجعل هؤلاء الصفوة من البشر في خدمة البشرية في كل زمان ومكان. 

نتعجب من بعض العلماء القدامى كابن النفيس وابن سينا وابن تيمية وابن حيان والرازي وأئمة الفقه والحديث والفلاسفة كيف قاموا بتصنيف هذا الكم الرهيب من المصنفات في ظل ظروف وإمكانيات ووسائل بسيطة ومحددة، ولا أجد تفسيرا لذلك إلا أنهم صدقوا مع الله ومع أنفسهم وآمنوا بقدرتهم على تحقيق ما صدقوا فيه، وهو درس قوي لكل كسول عن معرفة ذاته بأن الصدق هو المنهج الحق والأوحد للنجاح والسعادة في الدنيا والآخرة.

ونختم مقالنا عن قيمة الصدق وهو كلام لا ينتهي بمقولة لثابت بن قرة (الصدق ربيع القلب وزكاة الخلقة وثمرة المروءة وشعاع الضمير)، جعلنا الله وإياكم من الذين يتبعون أحسن القول وأن يرزقنا الصدق قولا وعملا وأن يثبتنا بالكلمة الصادقة الطيبة والعمل الخالص لوجهه الكريم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .