العدد 3062
الجمعة 03 مارس 2017
banner
التكامل الأخلاقي في الحضارة الإنسانية
الجمعة 03 مارس 2017

التربية والتعليم والرمز، ثلاث مراحل تتوالى وتتكامل في حياة كل إنسان وهي الثرمومتر الحقيقي لتقييم المجتمعات والحضارات منذ القدم، ثلاث محاور للمعادلة الأخلاقية التي تميز مجتمعا عن آخر وحضارة عن أخرى،  إن قوة وتماسك ورفاهية وأمن وأمان أي مجتمع أو حضارة تتوقف على التعامل مع هذه المحاور بشكل إيجابي لكي تصبح ثقافة شعبية مكتسبة تضمن الحفاظ على قوة المجتمع وتماسك مكوناته، وذلك من خلال الأسرة والمدرسة والجامعة ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات المهنية والاتحادات والروابط المختلفة التي تزداد قوة ومعرفة بالحقوق والواجبات والتوعية والإرشاد عندما تنشأ في مناخ صحي وطبيعي فيه الاحترام والتقدير المتبادل.

وعند الحديث عن الدور الأخلاقي ففي الواقع إن دور الأم في الأسرة وتأثيرها في نفوس الأبناء هو الأقوى في الحياة في كل زمان ومكان أو كما قال حافظ إبراهيم (الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق)، وتهميش دور الأم جريمة في حق المجتمع وسباحة ضد تيار السنن الإلهية والفطرة السوية وحتما هو تهميش يؤدي إلى سقوط الأسرة وبالتالي المجتمع بأكمله في هوة سحيقة من الرجعية والتخلف لأن الاهتمام بالأم وتكريمها ليس سلوكا رسميا فقط في يوم أو احتفالية ولكن ثقافة مجتمعية لمن يبحث عن مجتمع إنساني حقيقي.

وإذا انتقلنا إلى المحور الثاني في المعادلة الأخلاقية لأية حضارة إنسانية وهو التعليم أو المدرسة نجد أن دور المعلم تكملة دور الآباء في الأسرة من حيث التنشئة السليمة للصغار وتهذيب سلوكياتهم، وللأسف نفتقد في زمننا هذا المعلم القديم أي المعلم الذي قال عنه أحمد شوقي في بيته الشهير (قم للمعلم وفه التبجيلا...)، وتغييب هذا المعلم القديم يعود إلى عدم تقدير دور التعليم والمعلمين حتى كاد أن يكون التعليم مهنة من لا مهنة له، حيث طغت على المهنة ثقافة التربح على حساب الرسالة والواجب مما أثر بشكل كبيرعلى العملية التعليمية والأخلاقية في المنطقة العربية وأدى إلى غياب الجامعات العربية عن قائمة أفضل 500 جامعة على مستوى العالم مع تغييب دور القدوة أو الرمز للمجتمع بأكمله وهو المحور الثالث في المعادلة الأخلاقية والذي يتمثل في تهميش دور كبار المفكرين والعلماء كنتيجة منطقية وحتمية لتغييب أهمية ومكانة ومهابة المعلم والتعليم منذ الصغر.

يمكننا بوضوح أن نلاحظ المناخ العام في منطقتنا العربية وهو مناخ غير علمي بالمرة ولا يهتم إلا بالتفاهات التي تجلب الأموال مع غلبة الثقافة المادية وعدم التأسيس النفسي والروحي السليم، وتكلمنا من قبل عن عالمة النانو تكنولوجي السعودية د. غادة المطيري وكيف يتجاهلها الإعلام!

فمن أراد أن يبني حضارة ومجتمعا على أسس صحيحة عليه بناء الإنسان في مختلف مراحله العمرية وعدم تغييب المعادلة التعليمية والأخلاقية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .