أسعى كغيري من القراء وكتاب الأعمدة لنقل هموم الشارع البحريني، ونقل بعض الأفكار والاقتراحات، وفي الوقت ذاته تداول النقد البناء للكثير من الأمور الحياتية، وكُل ذلك بالطبع لمصلحة هذا المجتمع الطيّب والوطن العزيز.
كما يعلم الجميع، النقد البناء هو في واقع الأمر عملية تقديم آراء منطقيّة ووجيهة حول ما يقدمه الآخرون، وينطوي ذلك في العادة على خليط من وجهات النظر الإيجابيّة والسلبيّة، ولكن بطريقة ودية تخلو من لغّة الاستفزاز والتقليل من شأن الآخر. وفي الأعمال التي يتعاون الجميع لتأديتها معاً، يكون هذا النوع من النقد مفيدا جداً ويدفع إلى الارتقاء بمعايير الأداء والمحافظة عليها، ما أود أن أبينه هنا في مقالي هو أننا بحاجة لنشر ثقافة الارتقاء بالنقد، والإيمان بوجود النوايا الصادقة وراء جميع ما يتم طرحه من أفكار واقتراحات نقوم برفعها للمسؤولين في الدولة وذلك بنية تصويب الأخطاء وتطوير الخدمات التي يستفيد منها المواطن في نهاية الأمر، ولكن مع الأسف الشديد، لا نجد الكثير في مجتمعاتنا ممن يتقبلون آراء الآخر أو الأفكار الجديدة التي يتمّ طرحها، وغالباً ما تكون هناك الروح السلبيّة التي ترفض الجديد فقط لمجرد الرفض، لدرجة عدم أخذ ما يُطرح على محمل الجد، بل الأدهى من ذلك أن هناك من ينظر إليها بكثير من الحساسية والشخصنة.
من وجهة نظري، إن المسؤول الذي يتقبل الرأي والرأي الآخر بنفس راضية وسلوك رحب، ويلجأ إلى تطبيق المناسب مما يُطرح في عمله أو مؤسسته هو الشخص الناجح في علم الإدارة، فالكمال لله سبحانه وتعالى، وهذا لا يمنع أن هناك بعض الأفكار التي نكتشف بعد دراستها أنها لا تصلح ولكن الأهم أننا تقبلنا تلك الآراء وحاولنا الأخذ بها وقدرنا صاحب الفكرة وشكرناه على اهتمامه.
أدرك تماماً أن الكثير من الشركات والمؤسسات تطبق نظاماً رائعاً في آلية تقديم الاقتراحات من قبل الموظفين، وتحرص إدارات تلك الشركات على تشجيع العاملين لديها على تقديم ما هو جديد بهدف الاستفادّة من أفكارهم، وهذا شيء رائع إذ يًشارك الموظفون في الواقع بطرح العديد من الأفكار الخلاقة التي تتم دراستها من قبل الجهات المختصة (حسب اختصاص كل جهة) ويجد بعضها طريقه إلى التنفيذ والتطبيق عبر آليات معينة، ويتم تقديم الشكر لصاحب الاقتراح وتكريمه.
وهذا ما أناشد به هنا، فبناء جسور التواصل من قبل المسؤولين مع الجمهور هو المطلوب هنا، وصدقوني.. التواصل مع الناس سيعزز العمل وسيسهم في ارتقاء الأداء ويعود بالنفع على العمل وينعكس إيجاباً على الخدمات التي تقدم للجمهور. والله من وراء القصد.