صدر بمبادرة كريمة من رئيس مؤسسة التراث الخيرية بالمملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مجلد توثيقي مصور بعنوان "عيسى"، يعكس دور صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، في بناء الدولة الحديثة في مملكة البحرين وتوثّق لمرحلة خصبة من تاريخ بلادنا العزيزة.

"رجل في أمة وأمة في رجل"

يقع المجلد في (229) صفحة من الحجم الكبير، تتصدره كلمة لسيدي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة يؤكد فيها أنها مبادرة جميلة من رئيس مؤسسة التراث الخيرية الملكية بالمملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير الأخ سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، بقيام هذه المؤسسة الفتية بإصدار مجلد مصور عن والد الجميع صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، أميرنا الراحل طيب الله ثراه، وذلك بعد إصداراتها اللافتة والممتازة عن الملك الموحّد المصلح عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه، وأبنائه الملوك الغُر الميامين من بعده رحمهم الله، الذين دخلوا التاريخ وأصبحوا في ذمة الله. فصار من الواجب توثيق حياتهم وسيرهم وإنجازاتهم للأجيال الجديدة ولسائر الباحثين والمؤرخين.

وقد رحبنا أجمل ترحيب بفكرة إصدار هذا المجلد المصور عن صاحب السمو الوالد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، فهذه الفكرة الأخوية الصادقة تعبّر عن شعور قادة المملكة العربية السعودية ومسؤوليها كافة حيال بلدهم الثاني مملكة البحرين التي ارتبطت في عهد صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه بالشقيقة المملكة العربية السعودية عبر "جسر الملك فهد" طيب الله ثراه، وقال عن هذا الإنجاز التاريخي والدنا طيب الله ثراه: إن البحرين لم تعد جزيرة بعد الآن، فأصبحنا جغرافيًّا وطنًا واحدًا على جانبي هذا الجسر الذي أرادته الأجيال هنا وهناك، بعد أن كنا وطنًا واحدًا بفضل الله، في المصير والكفاح المشترك ووحدة القلوب وقف منا الآباء والأجداد صفًّا واحدًا تجاه مصاعب الماضي وتحدياته، فسار الأبناء منا على نهجهم القويم يدًا بيد.

سيجد القارئ الكريم في هذا المجلد التاريخي صورًا كثيرة لفقيدنا الراحل وهو يبني بلده، متكاتفًا مع شعبه، ومنفتحًا على العالم والإنسانية جمعاء، ولكنا نريد النظر إلى ما وراء الصور الفوتوغرافية، نريد أن نتأمل قليلاً وبإيجاز، صور القيم والشيم التي جسّدها على أرض الواقع الراحل الكبير والتي بقيت في قلوبنا - قيادة وشعبًا- رموزًا عامرة بالمحبة والطيبة والوفاء.

كان عيسى بن سلمان للأمانة والتاريخ:

رجل الاستقلال الوطني، واستكمال دولة القانون والنظام.

وكان أب الدستور والشورى والممارسة الديمقراطية.

كما كان رجل التنمية واستكمال النهضة الشاملة وتنويع مصادر الاقتصاد الوطني.

ورجل الوحدة الخليجية والتضامن العربي في أصعب الأوقات والمواقف.

وأخيرًا، لا آخرًا، رجل السلم والتعاون الدوليين والصداقة المخلصة بين الشعوب.

وللحقيقة، فإن مشروعنا الوطني الإصلاحي على شموله وعمقه، والذي توافقنا فيه مع شعبنا الوفي، بالشورى وسماع مختلف آراء الطيف الوطني، كان وصية جليلة من وصاياه، وإرثًا ثمينًا من ميراثه.. رحمه الله.. فقد كان رجلاً في أمة، وأمة في رجل.

 توثيق له أهميته التاريخية

أما صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود فقد أوضح في كلمته، أن هذا الإصدار الخاص يأتي توثيقًا لمرحلة خصبة في تاريخ مملكة البحرين الشقيقة، شهدت خلالها إنجازات ضخمة تستعصي على الحصر، كان أهمها الاستقلال المجيد الذي انطلقت بعده البحرين بخطوات وثابة في كل المجالات، لتعيش في قلب العصر أخذًا وعطاءً. وهذا الإصدار استمرار لنهج مؤسسة التراث في التوثيق من خلال الصور التاريخية بوصفها مصدرًا أمينًا للتاريخ، وصدور هذا الكتاب عن الشيخ عيسى بن سلمان رحمه الله، ضمن هذه السلسلة تعكس العلاقات التاريخية الممتدة الجذور والمتميزة بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، وهي علاقة أساسها الأخوة الصادقة والتعاون بين قيادتي البلدين على الخير، والعمل المشترك الجاد لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين والأمتين العربية والإسلامية. ومع أن التوثيق لحقبة زمنية طويلة وحافلة كتلك التي تولى فيها الشيخ عيسى - رحمه الله- مسؤوليات جسيمة وليًّا للعهد وحاكمًا للبحرين مسألة ليست يسيرة، إلا أن الأمل يحدونا في أن يبلغ هذا الإصدار هدفه في التعريف بمرحلة مهمة في تاريخ مملكة البحرين الشقيقة والمنطقة بأسرها، ولا شك أن الثقة التي أولانا إياها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة - حفظه الله- بتولي مؤسسة التراث الخيرية مسؤولية هذا التوثيق مصدر فخر واعتزاز لنا، ودافعًا للاستمرار في استكمال هذه السلسلة عن بقية ملوك المملكة العربية السعودية، مع استعدادنا للتعاون مع دول الخليج العربي الشقيقة للتوثيق لقادتها على النهج ذاته.

مسيرة حافلة بالعطاء

كما أفرد المجلد صفحات دوّن فيها عبدالعزيز جاسم كانو بعض من ذكرياته عن الأمير الراحل حيث يقول: عرف عنه رحمه الله كثير من الصفات الحميدة، فمنها الحكمة والنظر إلى الأمور نظرة ثاقبة عالية، وقربه من شعبه وحبه للسلام. الجميع يعرفونه ويحبونه، بيته ومجالسه العامرة مفتوحة لعامة الشعب، لم يفرّق يومًا من الأيام بينهم... كلهم عنده سواسية.. قريبون إلى قلبه.

ويضيف كانو: لقد وضع الشيخ عيسى رحمه الله بصمات نجاح بارزة تبدو جلية في حياة المواطنين في مختلف أنحاء البلاد، وفي جميع القطاعات بلا استثناء، وكان ساعده الأيمن أخاه الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة نعم العضيد ونعم الشريك المخلص الذي بذل الكثير والكثير من الجهد، وسجل التاريخ لهما في صفحاته الناصعة البياض ما قاما به من دور كبير وإنجازات مشرقة. وهذا الكتاب التوثيقي المصور يعد سيرًا في الاتجاه الصحيح من أجل أن تظل ذاكرة شعبنا وأمتنا حية نابضة، بتواصل الأجيال وتداول مآثر الرجال وجلائل أعمالهم.

شرف عظيم

لقد أسندت مؤسسة التراث الخيرية إلى رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية رئيس مجلس أمناء مركز عيسى الثقافي سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، مهمة كتابة مقدمة هذا المجلد وسرد تاريخ الأمير الراحل طيب الله ثراه، حيث أوضح الشيخ عبدالله بن خالد أنه لشرف عظيم أن أقدم لهذا الكتاب المصور عن الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الذي آمل أن يكون في قامة هذا الرجل القائد، الذي تتقاصر الكلمات عن إيفائه حقه، لأن ما قدمه لشعبه وأمته لا يمكن أن يضمه سِفْرٌ واحدٌ مهما كان الجهد المبذول في إعداده.

ثم يستعرض الشيخ عبدالله بن خالد سيرة صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة منذ مولده وطفولته ومراحل تعليمه وتوليه المسؤوليات وقيادة بلاده في مرحلة من أهم مراحل تاريخ العالم، والجزء الأكبر من المجلد يحتوي على صور فوتوغرافية توثق مسيرة شخصية عظيمة.