العدد 2959
الأحد 20 نوفمبر 2016
banner
عالم مجنون د. محسن الصفار
د. محسن الصفار
خطاب ترامب بين المرشح والرئيس
الأحد 20 نوفمبر 2016

لا شك ان الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الأميركية “ترامب” من أكثر المترشحين إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة، فملياردير العقارات الأميركي لم يراع بروتوكولات الخطاب السياسي المتعارف عليها في الحملات الانتخابية الأميركية، وأصر على أن يستعمل لغة عنصرية مناهضة للمسلمين والمكسيكيين والسود والنساء أيضا، وأطلق وعودا انتخابية مثيرة للجدل إلى أقصى الحدود، فمن مشروعه لبناء جدار يفصل الحدود الأميركية عن المكسيك الى تعهده بطرد 3 ملايين مهاجر شرعي مرورا بطرحه مشروع منع دخول المسلمين أميركا، فشكل ترامب جدلا محليا وعالميا لم يسبق له مثيل.

ودوليا تعهد بنقل سفارة أميركا في إسرائيل الى القدس وإلغاء الاتفاق النووي مع إيران ومراجعة دور الولايات المتحدة في حلف الناتو ووقف دعم المعارضة السورية ضد نظام الأسد، وبعبارة أخرى محو صفحة باراك أوباما من التاريخ السياسي لأميركا بالكامل.

أضف إلى ذلك تسريبات حول تحرشات جنسية مزعومة قام بها، ناهيك عن جهله التام بألف باء السياسة الخارجية، ووقوف معظم الشخصيات الفنية والثقافية والإعلامية ضده، واعتبار مجرد ترشحه وصمة عار في تاريخ الولايات المتحدة.

فكيف فاز ترامب إذا ضد المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون؟ قبل كل شيء يجب أن ندرك تركيبة الولايات المتحدة السكانية، فعلى الرغم من وجود اقليات عرقية متعددة إلا أن الغالبية المطلقة هي للبيض من اصول اوروبية دون منازع، وهؤلاء يتذمرون دائما من المهاجرين ومزاحمتهم لهم في قوتهم اليومي، وتركيبتهم الفكرية تتقارب مع نوع خطاب ترامب.

كما أن شخصية ترامب كرجل شارع عامي يقول ما في قلبه على لسانه كانت أقرب إلى نفوس الأميركان المحبطين إلى أقصى الحدود.

لذا يمكن القول إن انتخاب ترامب كان مجرد تنفيس لحالة من الجمود الاقتصادي والسياسي والعسكري التي أثقلت كاهل الشعب الأميركي، لذلك أوصل ترامب إلى سدة الرئاسة.

السؤال ماذا سيفعل ترامب الرئيس بوعود ترامب المرشح؟ هل يفي بها رغم ما تحمله من مخاطر عزلة دولية وصراع عرقي يمزق المجتمع الأميركي؟ أم أنه سيتراجع عنها ويمارس دوره كرئيس ضمن حدود صلاحياته الدستورية؟

الأرجح أن الأمر سيكون وسطا بين الاثنين، فترامب لا يستطيع تجاهل ما وعد به لذا سينفذه بشكل محدود من تسفير بعض المهاجرين غير القانونيين ووضع قيود على التأشيرات للمسلمين وربما إيجاد سور في نقاط معينة في الحدود مع المكسيك وذلك كي يمسك العصا من المنتصف، فالولايات المتحدة تتمتع بقوانين فيدرالية وأخرى محلية وتتمتع كل ولاية بخيارات كثيرة لرفض أية مقترحات للرئيس تتناقض مع قوانينها المحلية، كما أن الرأي العام المناهض لترامب لن يمنحه راحة البال في تنفيذ افكاره دون مقاومة شرسة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية