العدد 2779
الثلاثاء 24 مايو 2016
banner
ضبط المصروفات في مرحلة التغيرات
الثلاثاء 24 مايو 2016


تمر مملكتنا الغالية بمرحلة تعجّ بالكثير من التحديات الاقتصاديّة الصعبة التي فرضتها الظروف الدوليّة التي يعاني منها العالم أجمع بسبب تذبذب أسعار النفط ومنتجاته، وهي مرحلة يتطّلع الجميع إلى مرورها بسلام لتنتقل أوطاننا إلى مرحلة التعافي لمواصلة مسيرة البناء.
ولا شك في أن هذه التحديات الجمّة تترك تأثيراتها السلبيّة على الوضع المالي، كما تؤثر بالطبع على اتسّاع نطاق الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين، حيث تجد الحكومة نفسها مضطرّة إلى انتهاج سياسة الترشيد وفرض رسوم إضافية على الخدمات ورفع الدعم عن الكثير منها، ولا اعتراض على ذلك، إنما التنويه هنا على ضرورة أن تأخذ هذه الإجراءات طريقها الصحيح من خلال السلطتين التشريعية والتنفيذية، بالإضافة إلى ضرورة مراعاة الوضع الصعب الذي يمر به المواطن البحريني، إذ ندرك جميعاً أن مستوى الرواتب في البحرين هو واحد من أدنى المستويات مقارنة بدول المنطقة الشقيقة، وبالتالي فالمواطن لن  يحتمل أية ضغوطات إضافية.
ما أتمناه أن نلجأ جميعًا إلى ضبط المصروفات، ويجب أولاً على وزارات الدولة أن تعمل بكل احترافية في هذا الشأن، وأن تُظهر حرصاً أكبر على مراجعة مشاريعها وبرامجها التي قد لا تكون ضرورية أو ملحّة تماماً، ولم يترك تأجيلها أيّ أثر سلبي على المواطنين.
إلا أنه مع الأسف الشديد، نجد من يعمل في غير هذا الاتجاه، إذ نرى أن كل وزارة أو مؤسسة او هيئة تعمل وتمضي في برامجها كما لو أن شيئاً لم يحدث، وكما لو أن الظروف حولنا لم تتغيّر، بل على العكس من ذلك، نشاهد اليوم العديد من البرامج غير الضرورية على الإطلاق، بل يمكن اعتبارها من فئة البرامج التجميليّة وبرامج تلميع الصور (show off)  تنطلق بين الحين والآخر رغم المصاريف الباهظة التي تترتّب على تنظيم مثل تلك الفعاليات. من الضرورّي جداً في هذه المرحلة الالتزام بالبرامج الضرورية فقط والابتعاد قدر الإمكان عن البهرجة الزائدة.
إن تنظيم الفعاليات والمناسبات هو فن وعلم قبل كل شيء، والنجاح يكمن في كيفية تنظيم هذه الفعاليات والبرامج بصورة صحيحة ومنسقة وبالذات في المسائل اللوجستية والإدارية مع الالتزام بالذوق الرفيع والبساطة قبل كل شيء، حيث نرى الكثير من الجهات الرسمية وغير الرسمية وقد وضعت ميزانية كبيرة لبرامجها بينما في الواقع لا نجدها تظهر بصورة لائقة وراقية تعكس حجم الانفاق عليها، فالمغزى هنا هو الذوق الرفيع والتنسيق السليم الذي يخدم البرنامج ولا يُقلّل من شأنه.
ما أقصده هو ضرورة تقنين تلك الفعاليات، وأنا على علم بأن هناك الكثير من الشركات والمؤسسات الخاصة التي بادرت لتطبيق سياسات من شأنها الحدّ من الانفاق وذلك من خلال وضع خطط شاملة لتأجيل أو إلغاء بعض تلك البرامج، وهذا ليس عيبًا. وأنا على يقين بأن العاملين في تلك المؤسسات يقدّرون ما تقوم به تلك الإدارات ويتفهمون الظروف الصعبة والاستثنائية، مستذكرين حقيقة أن تلك الإدارات لم  تقصر معهم في أيام الرخاء.
لذا أهيب بجميع وزارات الدولة وإداراتها الحكومية أو شبه الحكومية المبادرة بتشكيل لجنة لدراسة وتقييم برامجها، ومن ثم رفعها للوزير لإقرارها مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المواطنين بعيدًا عن المصالح الشخصية. وأجزم بأن النتائج ستكون مثمرة بإذن الله تعالى، وسوف تترك نتائجها الإيجابيّة على الحكومة والمواطن على حد سواء، والله من وراء القصد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .