العدد 2777
الأحد 22 مايو 2016
banner
ذكرى تأسيس مجلس التعاون
الأحد 22 مايو 2016

لاشك أن ذكرى تأسيس مجلس التعاون الخليجي – كإطار للتكامل السياسي والاقتصادي الخليجي – ستظل راسخة في أذهان أبناء دول المجلس، وعالقة في ذاكرة التاريخ، تتذكره الأجيال؛ لأنها ذكرى تأسيس كيان يجمعها في بوتقة واحد ويكرس مصالحها المشتركة.
ورغم كل الظروف والتحديات، فقد حقق المجلس إنجازات عديدة، ولاسيما على صعيد المواطنة الاقتصادية، كما تم إنجاز التعرفة الجمركية الموحدة، وتم إلغاء الضريبة الجمركية بين دول المجلس في عام 2003. وأعلن عن انطلاق السوق الخليجية المشتركة منذ بداية العام 2008.
لكن من الواضح أن مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول المجلس تواجه اليوم معضلات اقتصادية يزداد وقعها سنة بعد أخرى، ويتسع نطاق انعكاساتها على جوانب الحياة المختلفة بوتيرة متسارعة حتى أوشكت تلك المعضلات أن تخلف وراءها سلسلة من التبعات الاجتماعية، إذ لم يحسن الاقتصاد الخليجي في الجملة التعامل معها حتى الآن. بل إن بعض جوانب الاقتصاد الخليجي بات يتكامل مع الاقتصادي العولمي بأسرع مما يتكامل ذاتيا.
ولعل من أبرز التحديات التي تعايشها المسيرة التنموية الوطنية بدرجة أو بأخرى ولم تتخلص منها رغم مرور أكثر من أربعة عقود تنموية بهذه الدول هو استمرار هيمنة الموارد الأحادية على مصادر توليد الدخل، والذي يؤدي إلى تضييق خيارات التنمية وفرص النمو، بل الأحساس بالانكفاء للوراء خاصة في مثل هذه الأيام، حيث تتراجع الإيرادات النفطية، كذلك استمرار محدودية الطاقة الاستيعابية للأسواق المحلية بسبب الاعتماد المفرط على الاستيراد وعدم قدرة القطاع الصناعي على تلبية الطلب المحلي الاستهلاكي والاستثماري. علاوة على التحدي الخطير للبطالة، حيث تتراوح نسبتها في صفوف الشباب ما بين 15 - 25 % في بعض الدول الخليجية.
ومما لاشك فيه أيضا أن القمة الخليجية الأخيرة في الرياض أجرت مقاربات كثيرة لكيفية التعامل مع تلك التحديات، حيث تناولت مواضيع تعزيز آليات العمل الاقتصادي المشترك والشراكة مع القطاع الخاص واستكمال متطلبات قيام الاتحاد الجمركي الموحد والسوق الخليجية المشتركة. وجميع هذه القضايا في حال تحققها ستنقل مسيرة التعاون إلى مرحلة جديدة تتخطى مرحلة التنسيق إلى ما هو أبعد من ذلك.
كما أن القطاع الخاص لا يزال يطالب بشراكة حقيقية في التنمية على مستوى التخطيط والتنظيم والتنفيذ. وهذا يجب أن يترجم بدوره في قيام عمل مؤسسي يبدأ من اجتماعات القمم الخليجية ويمر عبر الأجهزة كافة التخطيطية والتنفيذية في الأمانة العامة.
والمواطنون الخليجيون يتطلعون أيضا لوحدة اقتصادية يتلمسونها لمس اليد، ويجنون ثمارها في مواقع حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، ووظائفهم ومساكنهم وأحيائهم. وهذا مرتبط بدوره بالحاجة للإصلاح السياسي والاقتصادي في المجالات الدستورية والتشريعية يجسد مشاركة المواطنين في التشريع والرقابة، ويكرس دولة المواطنة القائمة على المساواة وتكافؤ الفرص والحقوق والواجبات والشفافية والمسئولية الاجتماعية المشتركة ومحاربة الفساد، وبناء مؤسسات المجتمع الحديثة والنظام القضائي المتطور، ويسهم في صناعة الحياة بحرية وفاعلية وصدق يخرج دول المجلس من حالة الانكشاف الخارجي إلى حالة اندماجية تكاملية قادرة على الاستمرار والنمو.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية