العدد 2768
الجمعة 13 مايو 2016
banner
الهدف ليس الأشخاص بل الأفكار
الجمعة 13 مايو 2016



من يعتقد أن المطلوب من الحرب القائمة الآن في سوريا رأس بشار الأسد فهو مخطئ لا محالة، وحتى نكون أكثر دقة فإن الحقيقة تقول إن من اشعل الحرب في سوريا – ونعني به الغرب – لا يريد رأس بشار الأسد، بل هو محافظ عليه ويريد من خلاله إطالة امد الحرب أكثر وأكثر، لأن هدفه ليس الشخص بل ما يتعدى الشخص إلى المبدأ أو الفكر، فمهما كان سوء هذا الشخص أو النظام ومهما كانت جرائمه بحق الشعب إلا أن ذلك لا يعني الغرب بقدر ما يعنيه الفكر الذي يقوم عليه النظام، حتى لو كان النظام لا يسير حقيقة على هذا الفكر، المهم انه يعتنق مبدأ أو فكرا يناهض هذا الغرب ويناهض الفكر الصهيوني المحمي من قبل هذا الغرب.
حرب 1956 وبعدها حرب 1967 دليل على ما نقول – مع الفارق الكبير بين عبدالناصر والأسد وانعدام الحق في المقارنة بينهما، ولكنه يفيد بما نقول، فلو كان عبدالناصر مواليا فكريا للغرب وغير مدافع عن الشعب ولا يميل له، ولو كان لا يحمل فكرا شعبيا يضع الإنسان العربي في مقدمته، ولو لم يدفعه فكره ومبادئه للعمل على نشر العدالة في المجتمع العربي المصري ولو لم يعمل على نقل الدولة المصرية من دولة معتمدة على الغرب إلى دولة مستقلة صاحبة قرار وقادرة على التقدم، لو لم يكن كذلك لما قامت الحربان في محاولة لإزاحته واغتياله بدنيا وسياسيا.
ولو لم يعمل صدام حسين في العراق على وضع بلده في مصاف الدول ذات السيادة المستقلة، ولو لم يحمل مبدأ يقوم على مناهضة الغرب والصهيونية، ولو لم يعمل على وضع التصنيع في مقدمة أولوياته لما اجتاحت قوات الغرب العراق من أجل إسقاطه واضعة كذبة كبرى وراء هذا الغزو تقوم على وجود أسلحة دمار شامل في العراق ثم عجزت بعد الغزو عن إيجاد سلاح واحد من تلك الأسلحة المزعومة، ولكنه الفكر والمبدأ المرفوض من قبل الغرب ومخابراته وأجهزته هو الذي يجب محاربته وانتزاعه بالقوة من عقول البشر مهما كان الثمن.
هذه ليست مقارنة بين عبدالناصر وصدام حسين وبشار الأسد الذي وصلت جرائمه إلى صورة غير مسبوقة في قتل الشعب الذي يرأس نظامه ومن المفترض ان يقوده، فهذه مقارنة ظالمة ومجحفة وغير منطقية، فما نراه لم يحدث من قبل ولم نقرأ عن نظام يتعمد قتل شعبه من أجل الغير ويدمر كل ما بناه هذا الشعب، وكل ذلك يقوم على أساس طائفي مقيت عمل الغرب على نشره وترسيخه منذ زمن في المنطقة، ولكننا نحاول فهم ما يجري ولماذا تستمر هذه الحرب الطاحنة على أرض سوريا العربية طوال السنوات الماضية دون نتيجة ودون ان ينتصر هذا الشعب، بل كلما مالت الكفة لصالح الشعب العربي السوري نرى تدخلا من جهة ما لتغيير موازين القوى، فالهدف لم يتحقق حتى الآن ويجب أن تستمر الحرب حتى ينتهي المبدأ والفكر كما حدث في العراق الذي ظن الغرب – وهو مخطئ في هذا الظن - أنه تمكن من تقويض الفكر العروبي فيه عن طريق الطائفية التي استفاد منها حتى الآن، فهذا الفكر الطائفي يجب ان يسود العالم العربي – كما يريد الغرب - حتى لا تقوم لهذا الوطن الكبير قائمة على الأقل لعقود قادمة من الزمن.
فحين تتغلغل الطائفية والعنصرية في مجتمع ما يصعب على هذا المجتمع القيام بدوره المنطقي ويصعب عليه أن ينعم بالاستقرار ويتوقف عن النمو والارتقاء ويسوده صراع علني تارة وخفي تارة أخرى يمنع الأطراف المتقاتلة فيه عن السير على طريق واحد... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية