العدد 2754
الجمعة 29 أبريل 2016
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
إيران وإسرائيل... ما الفرق؟ (2)
الجمعة 29 أبريل 2016

التدخل الإيراني بالبلاد العربية، جعل العرب يوقنون أنه لا فرق بين اسرائيل وبين إيران. فإن كانت اسرائيل تحتل الأراضي العربية وتقتل الفلسطينيين، فإن ايران أيضا تحتل الأراضي العربية كإقليم عربستان العربي والجزر الاماراتية المحتلة والعراق واليمن ولبنان وسوريا. أيضا سبب آخر جعل العرب لا يصدقون حقيقة العداء بين إسرائيل وإيران.
 فبعد نجاح ثورتي مصر وتونس واستمرار ثورتي ليبيا واليمن، مع اشتعال نيران ثورات أخرى في سوريا والجزائر والعراق، فإن الشعوب العربية اكتشفت أن الدكتاتورية العربية من ألد أعداء العرب. فهناك الذين سرقوا ونهبوا وقتلوا أكثر مما قامت به اسرائيل.
 لهذا إن التكبير والتهليل لمن يهدد اسرائيل لا يأتي الآن في مقدمة أولويات العرب. بل ان الاصلاح والتنمية وبناء الدولة الحديثة بالنسبة لمصر وتونس وليبيا الأسس المهمة.
وبالنسبة للدول الأخرى، فإن أولوياتها هي كيفية ازاحة الأنظمة الحاكمة، وليس التطبيل لتصريحات كسرى طهران.
 أيضا، البطولة التي أبدتها المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس من خلال تصديها لأقوى جيش بالمنطقة، كانت أمرا لم تتوقعه إسرائيل ولا إدارة بوش السابقة ولا حتى الجماهير العربية والإسلامية، والتي شعرت للمرة الأولى بطعم الانتصار الفلسطيني ضد إسرائيل، نظراً إلى أن ما يسمى انتصار حزب الله على إسرائيل كان دفاعاً عن أرض لبنانية وليست فلسطينية، علاوة على موافقة حزب الله على عدم التعرض إلى إسرائيل بعكس حماس، والتي أوقفت الدخول الإسرائيلي لغزة، مع تعهدها بأنها لن توقف الحرب على إسرائيل والمعركة مستمرة.
 ولهذا فإن هذا الانتصار الفلسطيني على إسرائيل أوضح بما لا يدع مجالاً للشك مدى زيف التصريحات الإيرانية بحرق إسرائيل، حسب قول المراقبين، ذلك أن من أحرق إسرائيل بالصواريخ هي حماس، لدرجة أن إسرائيل وواشنطن وأوروبا تشتكي من حماس على استمرارها إطلاق الصواريخ تجاه الأراضي الإسرائيلية.
ولهذا فإن نجاح حماس هذا سحب البساط من طهران، التي لم تتدخل وتطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل في عدوانها على غزة، الدعاية الإيرانية مجدداً تكون بالعودة بكل قوة إلى سياسة التصريحات النارية بحرق إسرائيل، ولكن من غير جدوى.
 إن الأمانة الصحافية تجبرنا على القول إن استمرار التصريحات الإيرانية والإسرائيلية تجاه بعضهما مصلحة متبادلة. فطهران مستفيدة سياسياً وإعلامياً من تصريحات تل أبيب بتدمير إيران ومنشآتها النووية، كون اسرائيل لم تطلق طوال ثلاثين عاماً صاروخاً واحداً على طهران. وإسرائيل مستفيدة، أيضاً، سياسياً وإعلامياً واقتصادياً من التصريحات الإيرانية بحرق تل أبيب. هذا بالإضافة إلى أن تبادل المنافع هذا يهدف بشكل واضح الى إقصاء انتصار حماس عن طريق إجبار العالم على الاقتناع بأن المعركة هي بين طهران وتل أبيب وليس بين إسرائيل والفلسطينيين أو حماس. ومن أجل ديمومة هذه المنفعة المتبادلة للطرفين سيستمر الإيرانيون بصراخهم المعهود على لسان كسرى طهران: سأحرق تل أبيب. بينما سيستمر الإسرائيليون بالرد، وبابتسامة اليهودي الخبيثة قائلين: سندمر طهران.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية