العدد 2751
الثلاثاء 26 أبريل 2016
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
إيران وإسرائيل... ما الفرق؟ (1)
الثلاثاء 26 أبريل 2016

عادت إيران لاسطوانتها منتهية الصلاحية وهي تهديد إسرائيل وحرقها. فقد لاحظنا الخطاب الإعلامي والديني لمراكز المؤامرات في طهران، وبتشجيع من كسرى طهران نفسه والأجهزة التابعة للحرس الثوري، ومن خلال القنوات الثلاث المطبلة للمشروع الإيراني التكفيري الطائفي بمحاربة العرب وهي المنار والعالم والميادين، بشن حملات اعلامية وتهديدات سياسية ضد اسرائيل. فتارة يهددون بحرق اسرائيل، وتارة اخرى بمحوها من الخارطة نهائيا. ويعتقد البعض بصدقية التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، لدرجة انهم رفعوا كسرى طهران الى مصاف الأبطال الأسطوريين في العصر الحديث، الا ان الواقع والعقل والمنطق يقول خلاف ذلك، فنحن لا نشاركهم الإيمان بمصداقية تلك التهديدات التي تطلقها ابواق المشروع الايراني وعملاؤه من الخونة المستعربين.
ولتوضيح الأمر وبشكل مبسط جدا، نقول إن الجميع يعلم أن العراق محتل من قبل واشنطن وطهران، فعسكريا وسياسيا محتل من قبل الولايات المتحدة. أما على المستوى العقائدي والحزبي فالعراق الآن أسير الآيديولوجية الصفوية المتطرفة بشكل لم يسبق للعراق ان مر به. كما يعلم الجميع أن لبنان محتل من قبل ايران، والتي لها وكيل يعمل كرأس حربة لتنفيذ المشروع الصفوي الذي يسعى لاحتلال العالم العربي. وأخيرا يعلم الجميع عن التورط الايراني بمحاولة الانقلاب الفاشلة في البحرين، والتورط في التجسس على الكويت، والتحريض الطائفي الذي ينفذه ذوو الأجندة الصفوية بالقطيف.
كل ذلك التدخل جعل العرب يوقنون انه لا فرق بين اسرائيل وبين طهران. فإن كانت اسرائيل تحتل الأراضي العربية وتقتل الفلسطينيين، فإن ايران أيضا تحتل الأراضي العربية كإقليم عربستان العربي والجزر الإماراتية المحتلة والعراق واليمن ولبنان وسوريا. كما انها تقتل وتمارس اقسى انواع الانتهاكات ضد الشيعة العرب في ايران، وتعمل على اذكاء الفتن بين الشيعة والسنة، وارتكاب حرب ابادة ضد السنة في كل من بلوشستان والعراق وأيضا في اليمن خصوصا في دماج والمدن المحاذية لصعدة قبل ان يحرضوا الحوثي على الانقلاب على اليمن كله. وعليه فإن التصريحات النارية السابقة بحرق وإزالة اسرائيل، انكشفت أكاذيبها ولم تعد تنطلي الا على المساكين والسذج بسبب هذا التورط الايراني.
إضافة لانكشاف التورط الايراني بالعالم العربي، فلا يمكن لأحد أن ينكر، إلا أصحاب الأجندة الإيرانية والإسرائيلية طبعاً، ان التصريحات الإيرانية النارية بحرق إسرائيل وإنكار المحرقة، هي بمثابة هبة وهدية إيرانية لتل أبيب. ذلك أن الإسرائيليين سيستفيدون من هذه التصريحات في إقناع دول العالم، بما فيها الرأي العام الغربي الذي تعاطف مع الفلسطينيين أخيرا، في أن إيران دولة تريد تدمير دولة إسرائيل الديمقراطية المسالمة، التي عانت كثيرا من المحرقة، والتي تنكرها مثلا تصريحات نجاد السابقة وتترد أيضا حاليا من قبل امثال نجاد. وفي ذلك دعم كبير لإسرائيل في استمرار تلقي التعاطف من دول ومؤسسات العالم الغربي ،بالمقابل، فإن التصريحات الإسرائيلية بتدمير إيران ومنشآتها النووية - تعتبر أيضا هدية إسرائيلية لا تقدر بثمن لإيران. فهذه التهديدات ستعزز سياسيا وإعلاميا وجماهيريا حلم مكانة وقوة طهران على ساحة الشرق الأوسط، والتي من شأنها إقصاء دول أخرى عن لعب أي دور، ما قد يهدد، فعليا، وليس مجرد تصريحات، استقرار وأمن إسرائيل.  كما أنها أيضا ستقوي لدى الرأي العام العربي والإسلامي نظرية أن إيران هي الند والطرف القادر على مواجهة إسرائيل، خصوصا وسط الهزائم التي تتعرض لها ايران باليمن وسوريا والعراق، وهو ما سترحب به إسرائيل كون طهران عدوا وهميا يطلق مجرد تصريحات صحافية تستفيد منها في استعطاف العالم الغربي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .