العدد 2751
الثلاثاء 26 أبريل 2016
banner
من المستفيد؟
الثلاثاء 26 أبريل 2016


منذ أيام أقيم معرض للسلاح بماليزيا، والشيء الغريب، وربما ليس غريبا، أنه لم تكن في المعرض شركة عربية واحدة تصنع أي نوع من السلاح وتريد الترويج من خلال هذه المعارض، ومعظم الشركات كانت أميركية وأوروبية ومعها بعض الشركات التركية والماليزية وكوريا الجنوبية.... إلخ، مع أننا نذكر أن هناك شركة عربية في مصر أنشأت في أعقاب حرب أكتوبر وسميت الهيئة العربية للتصنيع الحربي، فهل هذه الشركة مازالت موجودة، وإن وجدت هل مازالت تصنع السلاح، وإن كانت تصنعه هل هي غير قادرة على المنافسة لذلك لم يرد لها ذكر في الأخبار المنقولة عن المعرض... الله أعلم.
يقول معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام في كتابه السنوي (2015) إن الانفاق العسكري على مستوى العالم بلغ في العام 2014 ما يوازي 1776 مليار دولار، أي انه قريب من ترليونين من الدولارات، وهذا يعني أن نصيب الفرد من هذا الانفاق بلغ 245 دولارا، بمعنى أن كل إنسان انفق هذا المبلغ على الشؤون العسكرية، وكان نصيب الشرق الأوسط من هذا الإنفاق مبلغ 196 مليار دولار أي أكثر من 10 % من الانفاق العالمي، وهو ما يعني أن الفرد في الشرق الأوسط أنفق ما يزيد عن 600 دولار على الشؤون العسكرية.
ويضيف المعهد في ذلك الكتاب أن الانفاق شهد صعودا كبيرا في السنوات الأخيرة بسبب النزاعات العسكرية في سوريا والعراق واليمن وأوكرانيا، وجميعها دول عربية ما عدا الأخيرة، أي أننا كعرب تسببنا في تلك الزيادة الكبيرة، وهي زيادة لم ينفقها العالم الغربي بل الوطن العربي ومن المال العربي دون فائدة منظورة أو محسوسة (لو استثنينا اليمن)، ولو أننا استخدمنا 10 % من ذلك المال في التنمية الزراعية لاستغنينا عن استيراد احتياجاتنا الضرورية من الغذاء من الدول الأخرى ولأوقفنا ابتزازها لنا في هذا المجال.
ويزيد المعهد في نفس الدراسة او الكتاب أن أكبر عشر شركات مصنعة للسلاح باعت في ذلك العام من الخدمات العسكرية ما قيمته (202) مليار دولار منها 6 شركات اميركية كان نصيبها (139) مليار دولار تقريبا، وأن ارباح تلك الشركات العشر من تلك المبيعات كانت (22.702) مليار دولار كان نصيب الشركات الأميركية منها (19.609) مليارا.
كل تلك الأرقام وردت في الكتاب السنوي لمعهد ستوكهولم لبحوث السلام عن عام 2014 فقط، وكل ذلك الانفاق يحدث في الوقت الذي يموت فيه الكثير من العرب غرقا في البحر هربا من ذلك السلاح، وفي الوقت الذي يزداد فيه الفقراء حول العالم ويزداد بالتالي الجوع ويزداد المشردون الذين لا يجدون سقفا يحتمون تحته من البرد أو حرارة الشمس، فإذا أعدنا السؤال عن المستفيد فإننا حتما سنعرف أننا لسنا من تلك الفئة بل نحن من الفئة الأخرى التي تخسر جراء تلك المبيعات وأن اكبر المستفيدين هي تلك الشركات المصنعة للسلاح وعلى رأسها الشركات الأميركية التي تدفع الكثير من أرباحها للخزانة الأميركية على شكل ضرائب والتي بدورها – اي الولايات المتحدة الأميركية - تدفع الكثير منها للعدو الصهيوني كمساعدات وهبات تأتي من أموالنا وأموال الدول الأخرى التي تعيش الحروب.
هنا يمكن أن نعرف من هو المستفيد ونفهم كذلك لماذا تندلع الحروب فجأة وبلا مقدمات في دول بعيدة عن تلك التي تصنع السلاح، وإذا كنا قد تحدثنا عن الدور المخابراتي في تلك الحروب، خصوصا في منطقتنا العربية فإننا حتما سنعرف أن تلك الشركات المصنعة ليست بعيدة عن ذلك الدور، بل هي تملك أجهزتها المخاراتية المستقلة التي تتعاون مع اجهزة الدول الأخرى المستفيدة... أليس كذلك... الله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .