العدد 2748
السبت 23 أبريل 2016
banner
القمة العربية الأميركية...
السبت 23 أبريل 2016

عند طباعة هذا المقال تكون القمة العربية الأميركية في الرياض قد انتهت وبانت نتائجها وربما يكون الرئيس الأميركي قد غادر الرياض، فرئيس الدولة الأولى عالميا من الصعب عليه أن يترك بلده مدة طويلة، وحتى كتابة المقال يتكهن الكثيرون حول ما ستتم مناقشته في هذه القمة، إلا أننا نامل أن تكون على مستوى الأحداث وليس لقاء بروتوكوليا فقط.
سيتضمن البيان بالقطع الاتفاق على دعم الولايات المتحدة لدول الخليج في محاربتها “الإرهاب” وزيادة التنسيق بين الطرفين في المجال العسكري والتنسيق الأمني وربما النية في تزويد دول الخليج ببعض الأنظمة الدفاعية والأسلحة المتطورة، ولكن ما هو واضح ان القضية الفلسطينية ستكون الغائب الأكبر عن القمة، ليس لأن دول الخليج تنأى بنفسها عن مناقشتها، ولكن لأن الطرف الأميركي يتعمد تغييبها في الوقت الراهن ويقدم عليها أمورا أخرى،  فالفرصة أفضل ما تكون لتساعد هذا الطرف على ما يرمي إليه من جعل هذه القضية في أدنى درجات الاهتمام، وربما تكون الأحداث التي نمر بها قد رسمت لإبعاد الاهتمام عن هذه القضية وجعلها في أدنى سلم الاهتمامات.
لقد اعتدنا دائما أن نأخذ الكلام فقط من الجانب الأميركي دون الفعل أو الالتزام غير القابل للنقض أو التغيير،  فهو باستمرار يتحدث عن دعم دول الخليج العربي ووقوفه بجانبها مع أنه في الحقيقة يقف على الجانب الآخر من المعادلة ولا يريد من دول الخليج غير ان تكون بمثابة البقرة الحلوب التي يستنزف اموالها ومقدراتها إلى آخر نقطة، ويريدها أن تكون باستمرار الداعم الدائم والكبير للاقتصاد الأميركي المترنح عن طريق دعمها سندات الخزانة الأميركية والتمويل الدائم للشركات الأميركية، أما الدعم الحقيقي فيذهب إلى جهات أخرى أهمها العدو الصهيوني.
ما نريده من هذه القمة أن يكون فيها طرفان متساويان وليس إملاء من طرف إلى آخر خصوصا بعد أن أيقنت دول الخليج أن الطرف الأميركي ليس هو الطرف الذي تأمله، وليس هو الطرف الذي يمكن أن يقف معها سرا وعلنا،  نريد ان تكون الالتزامات الأميركية موثقة ومنشورة لا لبس فيها، نريد من القمة أن يشعر الجانب الأميركي فيها أنه بحاجة لدول الخليج العربي كما هي بحاجة إليه، ونتمنى أن يصل إليه ان هذه الدول قادرة على العمل بصورة منفردة بعيدا عن القدرة الأميركية على التحكم في قراراتها، فالأحداث الأخيرة وخصوصا الحرب في اليمن أثبتت ذلك عمليا وليس نظريا، بالتالي لابد أن يفهم الجانب الأميركي أن هذه ليست إلا البداية وأن المصالح العربية مقدمة على كل شيء حتى العلاقة التاريخية مع الطرف الأميركي، وأن هذه العلاقة يجب ان تقوم على تبادل المصالح ورعايتها من الجانبين وليس من جانب واحد فقط.
من المهم أن يفهم الجانب الأميركي أن القضية الفلسطينية لم تغب كما يريد ولم تنزل من سلم الأولويات كما يريد، بل مازالت مهيمنة على الفكر العربي ومازالت تتربع على قمة الاهتمامات العربية، وأن هذه القضية وما يقوم به العدو الصهيوني فيها المصدر الأول للعنف الذي يجتاح المنطقة، وأن الموقف الأميركي منها ومن العدو الصهيوني الراعي الأكبر والمصدر الواسع لما يحدث في المنطقة، بل انه الراعي للحركات العنيفة التي تولدت عندنا بسبب التعنت الأميركي في رعايته الإرهاب الصهيوني وصمته المستمر على احتلاله الأرض العربية في فلسطين وغيرها وعدم اتخاذ موقف عادل وإنساني من قبل الولايات المتحدة الأميركية حيال ممارسات العدو الصهيوني.
كل تلك الأمور ربما تكون مجرد أمنيات، إلا أن مسار الأحداث يوحي بأنها ستكون في جدول الأعمال، فهل يقبلها الجانب الأميركي... هذه قضية أخرى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .