العدد 1657
الأحد 28 أبريل 2013
banner
طائفية المجلس العلمائي
السبت 11 مايو 2024


المجلس العلمائي كان يريد من الامام الأكبر شيخ الأزهر أن يكون طائفيا مثل غيره وأن يساند الطائفية ويعلن عن بدء الحرب (المقدسة) بين السنة والشيعة في البحرين، فهذا هو الإثبات الوحيد لديهم أن الأزهر لا يزال أزهرا ولا يزال مزهرا.
في لفتة لا تخلو من طائفية مقيتة ولا تخلو من توبيخ مقصود طالب أهل المجلس “العلمائي” الامام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب خلال زيارته للبحرين ودول الخليج بأن يدعم مطالبهم الطائفية، قائلين له، أو معاتبين له “إن الأزهر يعد امتدادا لأهل بيت العصمة”، قاصدين بذلك اللحظة التاريخية التي قام فيها العزيز بالله الفاطمي في مصر بتحويل الأزهر إلى مؤسسة شيعية بإيعاز من وزيره يعقوب بن كلس الذي كان نصرانيا ثم تشيع، وهي الفترة التي اعتمد فيها الفاطميون في مصر على اليهود والمسيحيين كوزراء بسبب رفض المصريين للحكم الفاطمي ورفضهم للتشيع والطائفية، رغم حبهم الجم لآل البيت، فهم الشعب الوحيد الذي تجد في البيت الواحد منهم أسماء مثل محمد وعمر وعلي وحسين وحسن وفاطمة وعائشة وصفية وزينب وحفصة، في مزج رائع يبين وسطيتهم التي تشبه وسطية الأزهر التي هي وسطية الاسلام.
لا أحد ينكر أن الأزهر في ذلك العهد تحول على النحو المذكور إلى مؤسسة تعليمية تدرس المذهب الشيعي، ولا أحد ينكر أن هناك من علماء الأزهر حتى الآن من يجيز التعبد على المذهب الشيعي، ولكن الأزهر لم يكن أبدا أداة لزرع الشقاق والنفخ في نار الطائفية المدمرة كما يفعل غيره.
لا بد أن يعترف المجلس “ العلمائي” وغيره أن سر بقاء الأزهر في قلوب وعقول المسلمين هو وسطيته وبعده عن الانخراط في الصراعات الباطلة.
الأزهر لم يتدخل يوما في الصراع الداخلي للدول وكان ولا يزال يقدم النصيحة المعبرة عن روح الاسلام ووسطيته القادرة على إطفاء نيران الطائفية الشيطانية التي تخالف روح الاسلام وتعاليمه.
ولو كان الأزهر قد أصبح في أي لحظة ظهيرا لأحد في أي صراع لنال من التشويه ما لا يستحقه، ولازدادت الفتن وأصبحت له عداوات كثيرة وانطمس دوره العظيم في خدمة الإسلام والمسلمين.
الأزهر بالتأكيد يعرف أن كثيرا من هذه الفتن الطائفية الداخلية تكون مدعومة ومخططة من الخارج، والأزهر أرفع وأعظم من أن يجد نفسه قد تورط عن غير قصد وأصبح جزءا من دائرة مشبوهة أو جماعة أو حزب ممول من جهات ذات أغراض خاصة.
ولذلك فالأزهر كان على مر السنين ولا يزال مزهرا ولا يزال مصدرا للإشعاع العلمي وسيظل رمزا لوسطية الاسلام التي تجعله ينتصر على كل من يجادله أو يكيد له أو يحاول أن يحل محله، ولطالما حاول الغلاة والمتطرفون وأصحاب الفهم الضيق للإسلام أن ينالوا من الأزهر وأن يطمسوا دوره وأن يهزوا صورة علمائه العظام في نظر المسلمين، ولكنهم لم يفلحوا، لأن وسطيته تجعله المرجع الذي يرتضيه العدو والصديق، المسلم وغير المسلم وتحصنه من كيد الكائدين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .