العدد 936
الأحد 08 مايو 2011
banner
المصالحة الفلسطينية
الإثنين 29 أبريل 2024

أخيرا شهدنا المصالحة الفلسطينية بين الفصيلين الرئيسين فتح وحماس، بعد أن كنا قد يأسنا من تحقق هذه المصالحة بعد هذا الشقاق الطويل الذي استمر أربع سنوات الذي لم يكن له أي مبرر.
وكان سبب يأسنا من إنجاز هذه المصالحة هو الآثار السلبية التي نتجت عن الشقاق الذي تحول إلى صراع بين فصيلين يعيشان تحت أسوأ احتلال في التاريخ.
كان التخوين والمزايدة أهم أسلحة الحرب المتبادلة بين قيادات فتح وحماس ومن يدور في فلكهما أو يؤيدهما من ساسة ورجال إعلام، فزاد الشقاق بين الحركتين وانتقل بالتبعية إلى مؤيديهم واصبح الكل يندد بالكل أكثر مما ينددون بالكيان الصهيوني، وشعرنا أن القضية الفلسطينية باتت قريبة من التصفية وبأيدي أهلها.
وكانت أسوأ نتيجة للحرب المؤسفة بين الفصيلين، هي زيادة الشقاق بين دول عربية كانت سندا للقضية الفلسطينية على مدى زمن طويل، بحكم الجغرافيا والتاريخ، ولكنها لفترة مارست نوعا من العناد بين بعضها البعض على حساب القضية وأهلها، وأصبحت كل دولة من الدول المتصارعة حريصة على طعن مساعي دولة أخرى أكثر من حرصها على خدمة القضية، لدرجة أن ملايين الدولارات أنفقت خلال الأربع سنوات التي مضت لضرب جهود طرف من الأطراف وتعريته ونسف تاريخه، لا لشيء سوى تصفية الحسابات بين هذه الدول العربية.
وكان لابد أن تؤدي حرب التخوين العربية إلى إفساح المجال واسعا أمام التدخل الإيراني من باب المزايدة وبيع الوهم للشعوب العربية واستخدام وكيل جديد لها في المنطقة إلى جانب ما يسمى بحزب الله اللبناني.
وبالفعل نجحت إيران في إيجاد موطئ قدم لها في غزة، ولعبت دورا كبيرا في إفشال كل جهود المصالحة السابقة.
والآن بعد أن تحققت المصالحة الفلسطينية بالقاهرة برعاية الحكومة المصرية، تكون مصر قد حققت الإنجاز الصعب وأزالت الكثير من الشكوك والاتهامات التي انطلقت حول موقفها من القضية ووقوفها إلى جانب حركة فتح في مواجهة حماس.
ما نريده خلال المرحلة القادمة أن يصمد الفلسطينون أمام محاولات شق الصف التي ستمارس ضدهم من قبل القوى الاقليمية والدولية، خاصة أن ردود الفعل الغربية لاتفاق المصالحة الفلسطينية كانت ردودا باهتة أو رافضة أو قلقة من نجاح المصالحة.
هذه الدول ستحرص دون شك على شق الصف الفلسطيني مرة أخرى، وقد تلجأ إلى الضغوط الاقتصادية على أي حكومة فلسطينية قادمة طالما ظل الوئام موجودا بين الفصيلين الفلسطينيين الأساسيين بنفس الأسلوب الذي مارسته مع حركة حماس بعد نجاحها في الانتخابات.
ولكي يصمد الفلسطينيون أمام محاولات زرع الشقاق لابد أن يظلوا مرتبطين بمحيطهم العربي وخاصة ارتباطهم بمصر راعية القضية تاريخيا، وأن يجتهدوا في عدم الاستجابة للقوى الإقليمية الساعية لاستغلال قضيتهم في تحقيق أجندات خاصة بها.
وفي المقابل لابد للعرب لأن يقدموا المساعدات التي تقطع الطريق على إيران وأعوانها في المنطقة وتفشل أي محاولات غربية تسعى إلى فرض وجهات نظر معينة من خلال الابتزاز والتجويع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية