+A
A-

في قلبها شغف الفن، وفي يدها براعة

منذ صغرها، ورغم إعاقتها البصرية منذ ولادتها، إلا أنها كانت تتذوق، إن جاز لنا التعبير، مواضع يتجلى فيها فنها! هكذا حدثتنا والدة فرح الزعال فقالت: لاحظت ابنتي منذ الصغر وهي تداعب الطين بيديها الصغيرتين لتصنع أشكالا جميلة لا تختلف عن أي طفل موهوب مبصر، ولذلك، أسعى وما أزال وهي اليوم في الرابعة عشرة من العمر، لأن آخذ بيدها وأفتح لها المجال لتبدع أكثر، لكنني لا أعرف الكثير ولا أعرف كيف وإلى أين أتجه، وعسى أن تكون "أجيال" فرصة لها فتحظى بما تتمنى.

حين تجلس مع فرح، فهي محبة للعلم، وتبارك الله ما شاء الله، تجدها مبتهجة حين تسمع من الآخرين إعجابهم واستحسانهم بما تنجزه من أعمال يدوية، وتحب مدرستها، مدرسة القيروان الإعدادية للبنات، ولها معلماتها وصديقاتها اللواتي تربطها بهن علاقة محبة، والجميع يكن لها التقدير والتشجيع، ولأنها تحب الأشغال اليدوية، فهي تستطيع ابتكار الأفكار الجميلة مما يتاح لها من أدوات ومواد، فإن توافرت لها بكرات القطن أبدعت، وإن توافرت لها متطلبات النحت نحتت، وإن توافرت لها مستلزمات التطريز طرزت، وربما تمكنت من تركيب قطع الكرتون أو ما يسمى اليوم "أوريغامي"، فهل تستطيع فعل كل ذلك والتدرب عليه والتعلم أكثر فأكثر؟ نعم، تجيب والدتها، ففي داخلها شغف كبير وحب للفن يملأ قلبها وفي يديها براعة ولله الحمد وإتقان ومهارة، وهذه كلها نعمة من رب العالمين جلا وعلا، وفي الكثير من الأحيان حين أراها تتعلم أخاطب نفسي وأقول "ليتني أستطيع مساعدتها، وهذا ما نسعى إليه أنا ووالدها وأهلها جميعا، وأقول وأكرر إن أمنيتي أن آخذ بيدها لتطور فنها وتصبح متميزة في مجال موهبتها".

سعدت فرح ووالدتها كثيرا بهذه الفرصة، لهذا، عبرت والدتها عن سرورها بأن يتعرف المجتمع على موهبة ابنتها، وأن تكون "أجيال البلاد" فرصة لتفتح لها الأفق الجديد وتحظى بالاهتمام والرعاية، وكلنا آباء وأمهات، للأصحاء وذوي الاحتياجات الخاصة، نعتز ونفتخر بعيالنا الذين حباهم الله بنعمة الموهبة والفن صغارا، وغدا يكبرون وهم يحملون أمنيات الطموح، وكلنا دعوات صادقة بأن يوفقهم الله جميعا.