+A
A-

تطلعات لمرحلة ما بعد كورونا

"ما تحقق يجسد عزيمة البحرينيين"، هذه العبارة تتصدر المشهد في مقولات وتصريحات وكتابات كثيرة، ولا أدل على ذلك من قول ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إن ما تتسم به مملكة البحرين من قوة وعزيمة وإصرار مستمد من وحدة أبنائها وإسهاماتهم الوطنية التي قدموها ليل نهار في مواقعهم كافة وباختلاف مسؤولياتهم من أجل الحفاظ على صحة وسلامة جميع المواطنين والمقيمين على هذه الأرض الغالية، وإن بعزيمة فريق البحرين يتجدد العهد، فقد أثبت أبناء البحرين بالتفاني والإخلاص أنه لن يثنيهم أي تحد أو ظرف عن خدمة الوطن، فكل ما تم تحقيقه من أجل البحرين في مواجهة الفيروس لحفظ الأرواح جاء بفضل روح الفريق الواحد التي يمتاز بها أبناء الوطن حتى أضحت البحرين بجهودهم وطموحاتهم أنموذجا متقدما على الأصعدة كافة.

وفي هذا التقرير، رصد "أضواء البلاد" جوانب عديدة لتأكيد "بيت الشاهد" في السير نحو طريق التعافي التام من جائحة كورونا، ولعلنا نبدأ بمشاركة وزيرة الصحة فائقة الصالح في اجتماعات جمعية الصحة العالمية الرابعة والسبعين بجنيف في يونيو الماضي تحت عنوان "إنهاء هذا الوباء ومنع التالي: بناء عالم أكثر صحة وأمانًا وإنصافًا معًا"، أكدت فيه ضرورة تكاتف الجهود لحماية الأنظمة كافة خصوصًا المنظومة الصحية من تبعات فيروس كورونا المستجد في المجالات كافة، حتى تتقاسم جميع القطاعات الأخرى مسؤوليتها في إنهاء هذا الوباء والتعافي منه بشكل أفضل، وتحقيق الإنصاف وبناء عالم أكثر صحة.

 

‭"‬استباقية‭" ‬قبل‭ ‬تفشي‭ ‬الجائحة

تجربة مملكة البحرين كانت حاضرة، وهي تجربة مثالية استباقية قبل تفشي جائحة "كوفيد 19"، ونجاحها بفضل من الله وبقيادة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وخطواته الحثيثة بتشكيل الفريق الوطني من جميع القطاعات الحكومية ذات العلاقة، إذ تم تجاوز التحديات كافة، وسطرت قصة نجاح، ولعل أبرزها تحقيق مبدأ العدالة الصحية والإنصاف في الوصول لجميع الخدمات الصحية من إجراء الفحوصات وتلقي العلاجات وتوفير اللقاحات مجانًا لمختلف شرائح المجتمع من مواطنين ومقيمين دون استثناء، إذ وفرت البحرين التطعيم بنسب عالية للمؤهلين للحصول عليه بحسب توصيات منظمة الصحة العالمية مجانًا ومن دون استثناء، وكان للجميع حرية اختيار نوع التطعيم الراغبين بأخذه من مجموعة اللقاحات التي تم توفيرها.

 

استقرار‭ ‬سوق‭ ‬العمل

على اعتبار أن سوق العمل هي من أكثر المجالات التي حافظت مملكة البحرين على استقرارها، فقد أطلع وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل حميدان منظمة العمل الدولية على المبادرات والإجراءات التي قامت بها مملكة البحرين لمواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19) خصوصا في مجال دعم منشآت القطاع الخاص، وضمان استقرار القوى العاملة في وظائفهم وعدم المساس بالحقوق الأساسية للعمال، فضلًا عن توليد وظائف جديدة للمواطنين في مختلف القطاعات الإنتاجية، الأمر الذي ساهم في تخفيف تداعيات وآثار هذه الجائحة العالمية على المستوى المحلي، والإسهام في دعم استقرار سوق العمل. جاء ذلك بمشاركة حميدان في أعمال القمة الإقليمية للمنظمة التي كان الهدف منها تبادل الخبرات بين أطراف الإنتاج الثلاثة ومناقشة الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناتجة جراء تفتشي هذه الجائحة في دول العالم، وتسليط الضوء على الممارسات المتميزة في معالجتها، فضلًا عن تنسيق الجهود العربية لاحتواء الآثار السلبية للجائحة على العمال، واستعراض التدابير الوقائية التي تتخذها الدول العربية في هذا الشأن.

 

تخفيف‭ ‬التداعيات‭ ‬الاقتصادية

أثمرت المبادرات التي اتخذتها البحرين التخفيف من التداعيات الاقتصادية على المؤسسات والأفراد، وحفظ استقرار سوق العمل واستدامته، ودفعت الحكومة رواتب المواطنين العاملين في القطاع الخاص من خلال صندوق التعطل لأشهر (أبريل، مايو، ويونيو 2020)، كما قررت بعد الاجتماع والتشاور مع السلطة التشريعية وغرفة تجارة وصناعة البحرين وأخذ مرئياتهم دفع 50 % من رواتب البحرينيين المؤمن عليهم في المنشآت الأكثر تأثرًا في القطاع الخاص لمدة 3 أشهر ابتداءً من شهر يوليو 2020، وفقًا للشروط والضوابط التي يحددها وزير العمل والتنمية الاجتماعية بالتنسيق مع الجهات المعنية، فهذه هذه القرارات ساهمت بشكل كبير في استقرار المواطنين العاملين في القطاع الخاص في وظائفهم، كما توجهت الحكومة لإسناد القطاعات الاقتصادية الأكثر تأثرًا من تداعيات جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19) من قبل صندوق العمل (تمكين) وفق الضوابط والشروط التي يقرها مجلس إدارته، الأمر الذي يسهم في ضخ السيولة في الأسواق المحلية تحقيقًا لمساعي التنمية المستدامة.

 

التأهيل‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا

إن دعم قطاع الأعمال وحماية القوى العاملة عموما، والسعي إلى توفير الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية للمواطنين والمقيمين، جعل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تواصل تقديم جميع خدماتها إلكترونيًا في المجالين العمالي والاجتماعي تسهيلًا للحصول على تلك الخدمات، خصوصا في مجال توظيف المواطنين، وكذلك استمرار عمليات التدريب والتأهيل بالتوجه للتدريب الافتراضي، وهو ما يعزز مكانة البحرين واستمرار ريادتها إقليميًا في مجال التعلم والتدريب. ومن ضمن خططها ومشروعاتها لمرحلة ما بعد جائحة فيروس كورونا تعزيز وتطوير الدراسات والإجراءات المتعلقة بتحديد المهارات المطلوبة لتأهيل الكوادر الوطنية في مجال التكنولوجيات الحديثة وتقنية المعلومات بما في ذلك التخصصات الطبية الجديدة لمكافحة الأوبئة، من أجل تلبية المتطلبات المستقبلية من الكفاءات والكوادر الوطنية.

 

قاعدة‭ ‬صلبة‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات

وضعت الدولة مهمة إسناد القطاعات الاقتصادية الأكثر تأثرًا من جائحة كورونا؛ لتحقيق الأهداف المنشودة والمشتركة وحماية المكتسبات التي حققتها، ورسم مستقبل واعد يقف على قاعدة صلبة لمواجهة التحديات كافة، وفي هذا الصدد أوضح وزير الصناعة والتجارة والسياحة زايد الزياني أن الحكومة قامت بعدد من الخطوات الهادفة إلى تقليص المصروفات التشغيلية ورفع كفاءتها.

 

حلول‭ ‬مبتكرة‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الجهات

لتعزيز واستدامة القطاعين التجاري والصناعي ونمو إسهاماتهما في الناتج المحلي بما يسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في مملكة البحرين، ويرفد المسيرة التنموية الشاملة التي أرسى دعائمها جلالة الملك، منوهًا بأن تداعيات الظرف الاستثنائي لفيروس كورونا (كوفيد 19)، أوجبت المملكة على الجميع ضرورة الاستعداد للتعامل مع المرحلة المقبلة وما تتضمنه من تحديات عبر تكثيف التعاون لإيجاد الحلول المبتكرة مع الجهات المعنية عبر مختلف المبادرات والبرامج التي يمكن لها أن تسهم في نماء القطاعات الاقتصادية والقيام بدورها في مواصلة تعزيز النمو الاقتصادي للمملكة. وفي هذا الإطار، تم توجيه المبادرات لدعم القطاعات الصناعية والتجارية والسياحية المتأثرة من تداعيات جائحة كورونا تعزيزًا للاستقرار الاقتصادي بالتوازي مع إطلاق حزمة مالية واقتصادية دعمًا للمواطنين وللقطاع الخاص بقيمة 4.3 مليار دينار، والتي ساهمت في تخفيف تلك الآثار المترتبة على الاقتصاد الوطني ونموه.