+A
A-

استشارية أمراض نساء وولادة وعقم وأطفال أنابيب د. سميرة مدن

تشتكي بعض النساء في كثير من الأحيان من نزيف الرحم، وفي الوقت الذي يعتقد البعض أنها حالة خطيرة، إلا أنه يجب معرفة الأسباب الكامنة وراء هذا النزيف، كما تؤكد المدير الطبي لمركز “إيفا” استشارية أمراض نساء وولادة وعقم وأطفال أنابيب د. سميرة مدن، وذلك من أجل السيطرة عليه وعلاجه.

وتقول د. سميرة مدن «إن النزيف الرحمي حالة يمكن السيطرة عليها، إذا ما تم معرفة الأسباب الكامنة وراء هذا النزيف، والتي تتعدد وتختلف، لذا فإن من الضروري معرفة الأسباب وراء إصابة المرأة بالنزيف الذي يكون غير طبيعي ومتكررًا».

«صحتنا في البلاد» التقت د. سميرة مدن لنتعرف على أسباب وأعراض وطرق علاج والسيطرة على النزيف الرحمي غير الطبيعي، وفي ما يلي نص اللقاء:

ما هو النزيف الرحمي غير الطبيعي؟

هو نزيف غير طبيعي يحدث بشكل غير منتظم ومتكرر ويستمر لفترة أطول ويكون أكثر غزارة.

كيف يتم تشخيص هذا النوع من النزيف؟

يشخص باستبعاد الأسباب الأخرى للنزيف مثل الألياف والزوائد اللحمية، ويكون ذلك عن طريق الفحص السريري والإكلينكي بالأشعة فوق الصوتية للمبايض والرحم؛ وذلك لاستبعاد وجود ألياف وزوائد لحمية في الرحم وأكياس على المبايض.

كما يتم إجراء خزعة لبطانة الرحم لمعرفة التركيبة النسيجية لبطانة الرحم وعدم وجود تضخم نسيجي في البطانة.

ما مدى شيوع نزيف الرحم غير الطبيعي لدى النساء؟ وما الفئة العمرية الأكثر عرضة للإصابة؟

إن من الشائع حدوث نزف الرحم غير الطبيعي، الذي كان يسمى سابقًا نزف الرحم الناجم عن خلل وظيفي في بداية ونهاية سنوات الإنجاب، إذ تحدث 20 % من الحالات عند الفتيات، وتحدث أكثر من 50 % عند النساء اللواتي تزيد أعمارهن عن 45 عامًا.

كما أن حوالي 90 % من حالات النزيف الرحمي غير الطبيعي تكون نتيجة وجود خلل في التبويض أو في الإباضة، فبالتالي تنخفض نسبة حدوث الحمل، إذ في هذه الحالة لا يقوم المبيضان بتحرير البويضة بشكل منتظم، لذا في هذه الحالة تنخفض نسبة حدوث الحمل.

ما أسباب الإصابة بالنزيف الرحمي غير الطبيعي؟

يحدث نزيف الرحم غير الطبيعي عادة عند استمرار ارتفاع مستوى الإستروجين بدلًا من أن ينخفض كما هي الحالة عادة عندما يتم إطلاق البويضة وعدم حدوث التخصيب، إذ لا يتوازن مستوى الإستروجين المرتفع بالمستوى المناسب من البروجسترون، وفي مثل هذه الحالات لا يتم إطلاق البويضة ويستمر ازدياد سماكة بطانة الرحم بدلاً من تفككها وسقوطها كما يجري عادة في فترة الطمث، وتسمى هذه السماكة غير الطبيعية بفرط تنسج بطانة الرحم، لذا تنسلخ البطانة السميكة بشكل غير كامل وغير منتظم ما يسبب النزيف، الذي يكون غير منتظم وطويل الأمد وفي بعض الأحيان يكون غزيرًا.

وقد يؤدي استمرار هذه الدورة من السماكة غير الطبيعية واستمرار الانسلاخ غير المنتظم إلى احتمال تطور خلايا ما قبل السرطانية، ما يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرحم «سرطان بطاني رحمي»، وقد يحدث عند الشابات.

هل يدل هذا النوع من النزيف على سن اليأس؟

نعم، إذ إن النزيف الرحمي غير الطبيعي يعد علامة مبكرة على حدوث سن اليأس غالبًا.

هل ينذر النزيف الرحمي بأمراض خطيرة؟ وما الأمراض التي تقف وراء هذا النزيف؟

من المعروف أن مشكلة نزيف الرحم قد تصيب النساء في وقت مختلف عن موعد الدورة الشهرية أو أثناءها، وذلك يكون بأشكال مختلفة تكون بغزارة الدورة الشهرية أو زيادة فترتها، علمًا أن تدفق الطمث الطبيعي يكون عادة لمدة 5 أيام تقريبًا ويحدث كل 21 إلى 35 يومًا، إلا أن هناك بعض الأسباب أو الأمراض المحتملة التي من شأنها أن تسبب نزيف الرحم، كالمشكلات الهرمونية، إذ إن عدم توازن الهرمونات يعد أكثر الأسباب شيوعًا لحدوث نزيف الرحم غير الطبيعي، فعندما يطلق أحد المبيضين البويضة تتغير مستويات الهرمونات في الجسم تمهيدًا للحمل ويتم ظهور بطانة الرحم السميكة، أما في حال عدم حدوث الحمل فيتخلص الجسم من هذه البطانة عن طريق الحيض.

وقد تتراكم هذه البطانة لدى الفتيات أو النساء اللاتي يقتربن من فترة انقطاع الطمث مسببة عدم انتظام الدورة الشهرية أو الاستحاضة.

كما أن هناك أسبابا عدة لتغير الهرمونات، ما يسبب النزيف غير الطبيعي مثل فقدان أو اكتساب الوزن، التوتر العاطفي وتركيب اللولب.

وتقف الأورام الليفية والحميدة وراء الإصابة بالنزيف الرحمي غير الطبيعي، إذ تعد سببا من مسببات نزيف الرحم، فالسلائل الرحمية والأورام الليفية الرحمية قد تنمو داخل الرحم ومن الممكن أن تترافق مع نزيف مهبلي غير طبيعي وفي فترات لا تتوافق مع الدورة الشهرية.

ومن ضمن أسباب النزيف أيضًا حدوث الحمل، والذي قد يكون مخيفًا إلا أنه قد لا يكون خطيرًا دائمًا، كما أن العلاجات الهرمونية تعد سببا لهذا النزيف.

وتعد متلازمة تكيس المبايض من أكثر الأسباب شيوعًا للنزيف الرحمي لدى المرأة، فهذه المتلازمة تتمثل في ظهور أكياس على المبايض تسبب تغيرا في مواعيد الدورة الشهرية وعدم انتظامها.

ومن ضمن الأمراض التي تسبب هذا النزيف هي الإصابة بسرطان الرحم، أو أمراض الكلى والكبد وأمراض الغدة الدرقية، والإصابة باضطرابات في الدم وتناول مميعات الدم.

 

ما أعراض النزيف الرحمي غير الطبيعي؟

هناك بعض الأعراض والعلامات التي قد تشير إلى وجود نزيف غير طبيعي في الرحم ومنها: غزارة الطمث، النزيف في أوقات غير متوقعة مثل النزيف بعد انقطاع الطمث، دورة شهرية طويلة، أو دورات شهرية غير متناسقة.

هل يمكن منع أو تجنب النزيف غير الطبيعي للرحم؟

يعتمد ذلك على المسبب الكامن وراء النزيف الرحمي، لذا من المهم استشارة الطبيب في حال ملاحظة الأعراض السابقة؛ من أجل تشخيص الحالة وإيجاد العلاج المناسب.

كيف يمكن السيطرة على النزيف الرحمي غير الطبيعي؟

يمكن ضبط النزيف عادة من خلال الإستروجين والبروجستين «الهرمون الأنثوي الاصطناعي» أو البروجسترون الذي يكون مماثلا للهرمون الذي ينتجه الجسم، وأحيانا يتم وصف أحد هذه الهرمونات بشكل منفرد.

وفي حال بقاء بطانة الرحم سميكة أو إذا استمر النزف رغم المعالجة بالهرمونات فإنه يجري عادة تنظير للرحم في غرفة العمليات لاستطلاع الرحم ويتبعه توسيع وكشط، وللقيام بهذه العملية يجرى استئصال نسيج بطانة الرحم عن طريق أخذ عينة نسيجية أو خلوية، وقد يحد هذا الإجراء من النزف، ولكنه قد يتسبب عند بعض النساء بحدوث تندب في بطانة الرحم التي يطلق عليها «متلازمة أشرمان»، ما قد يؤدي إلى توقف النزف الحيضي «انقطاع الحيض». وفي حال استمر النزف بعد القيام بالتوسيع والكشط، يتم اللجوء إلى استئصال بطانة الرحم، الذي يساعد على ضبط النزف غالبًا، ويتم اللجوء إليه إذا استمر النزف غزيرًا بعد استنفاد جميع محاولات المعالجات الأخرى.

إذا كانت بطانة الرحم تحتوي على خلايا شاذة، خصوصا لدى النساء اللواتي تزيد أعمارهن عن 35 عامًا ولا يرغبن في الحمل، فإن المعالجة تبدأ باستعمال جرعة مرتفعة من البروجستين، إذتجرى خزعة بعد انقضاء ما بين 3 و6 أشهر من المعالجة، فإذا اكتشف وجود خلايا شاذة يتم استئصال للرحم لأن الخلايا الشاذة قد تصبح سرطانية، وإذا كانت النساء قد تجاوزن سن اليأس، فإن المعالجة لا تبدأ باستعمال البروجستيرون ما لم يعانين من حالة تجعل إجراء العملية الجراحية محفوفة بالمخاطر، وقد توجد هناك حاجة لاستئصال الرحم.

ما العلاج المتبع لعلاج النزيف غير الطبيعي؟

علاج الإصابة بنزيف الرحم تعتمد على المسبب الكامن وراءها، إلا أنها وبشكل عام يتم علاجها بالهرمونات واستخدام أدوية منع الحمل، ويمكن استخدام حقن البروجستيرون أو زراعة لولب يحتوي على البروجستيرون.

كما يتم اللجوء أحيانا إلى الجراحة لعلاج السبب الذي أدى إلى النزيف مثل إزالة الأورام الليفية، ويلجأ إلى استئصال الرحم كخيار أخير لوقف نزيف الرحم.

إذا كانت المرأة تخطط للحمل فقد يقوم الطبيب بالانتظار قبل بدء أي علاج، إما إذا كانت المرأة في مرحلة انقطاع الطمث فقد ينتظر الطبيب أيضًا لأن الأعراض قد تزول بعد سن انقطاع الحيض.