+A
A-

استشارية أمراض الدم وسرطان الأطفال د. خلود خليفة السعد

ما أنواع أمراض السرطان التي تصيب الأطفال؟ الإجابة كما تقول استشارية أمراض الدم وسرطان الأطفال د. خلود خليفة السعد تعتمد على عمر الطفل، ولكن عموما، وفي معظم دول العالم وكما هو عندنا أيضا في البحرين، تعتبر الأمراض التالية هي أكثر أنواع الأورام شيوعا عند الأطفال:

اللوكيميا (سرطان الدم): يُعد سرطان الدم الحاد (اللوكيميا) أكثر أنواع الأورام شيوعا لدى الأطفال ويشكّل نسبة تقترب من ثلث حالات أورام الأطفال (25 - 30 %).

أورام الدماغ والحبل الشوكي: ثاني أكثر الأنواع شيوعا، ويمثل نسبة تقترب من 20 - 25 % من الحالات.

الليمفوما (سرطان الغدد الليمفاوية): وهو يأتي في الترتيب الثالث ضمن شيوع الأورام لدى الأطفال، وتتراوح معدلاته بين 8 % و10 % من الحالات، بالإضافة إلى أنواع أخرى أقل حدوثا مثل النيوروبلاستوما وهي أورام الأوليّات العصبية التي تعتبر الأكثر شيوعا ضمن الأورام الصلبة للخلايا العصبية خارج الدماغ وتشكل 8 % من الأورام في الأطفال، وأورام الكلى، ورم ويلمز الكلوي (6 % تقريبا من مجمل الأورام في الأطفال)، أضف إلى ذلك الساركوما (أورام الأنسجة الصلبة كالساركوما اللحمية والعظمية)، وأورام نادرة مثل أورام الكبد والرئة والعيون وغيرها.

قرابة 300 ألف طفل ينجون عالميًا

وماذا عن الاختلاف، هل يختلف مرض السرطان في الأطفال عنه في الكبار؟ نعم هناك اختلاف كبير بين سرطان الأطفال وسرطان الكبار، أولا أن مرض السرطان في الأطفال يعد مرضًا نادرًا إذا ما تم مقارنته بالكبار، فحالات سرطان الأطفال تمثل بين %1 و4 % فقط من جميع أنواع السرطان، وتتراوح معدلات الإصابة الإجمالية بسرطان الأطفال بين 50 و100 لكل مليون طفل في جميع أنحاء العالم، وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية (WHO) يتم تشخيص ما يقدر بنحو 250 ألفا إلى 300 ألف حالة سرطان أطفال جديدة كل عام في جميع أنحاء العالم ممّن تقل أعمارهم عن 18 سنة، بينما يتم تشخيص ما يقدر بنحو 19 - 20 مليون حالة سرطان سنويا في الكبار.

سرطان الدم وأورام الدماغ والجهاز العصبي

وتضيف السعد «هناك اختلاف من حيث نوع السرطان، فكما أسلفنا سابقا عن أنواع السرطان في الأطفال، نجد سرطان الدم وأورام الدماغ والجهاز العصبي هي الأكثر شيوعًا في الأطفال، بينما نجد أن أورامًا مثل أورام الثدي، الرئة، البروستاتا والمثانة هي الأكثر شيوعا لدى البالغين، ثم هناك اختلاف من ناحية أسباب المرض، فهناك العديد من عوامل الخطر المعروفة التي تزيد من الإصابة بالسرطان في الكبار، والتي يرأسها التبغ والتدخين بجميع أنواعه ثم النظام الغذائي غير الصحي أو العمل بصناعات تستخدم الكيماويات السامة وعوامل أخرى منها الوراثية أيضًا، لكن لا يمكن اعتبارها كذلك وبنفس القدر بالنسبة للأطفال المرضى بالسرطان، إذ إنهم صغار جدًا، وحتى يتعرضوا لمثل هذه العوامل هناك متسع من الوقت».

غالبية الأسباب مجهولة

وتشير البيانات الحالية إلى أن قرابة 5 % إلى 8 % من الأطفال المصابين بالسرطان لديهم استعداد سابق للإصابة به لأسباب تتعلق بعوامل جينية مثل أمراض نقص المناعة الوراثية، أو فشل النخاع العظمي الوراثي أو متلازمة داون، لذلك بخلاف السرطان الذي يصيب البالغين فإن الغالبية العظمى من أنواع السرطان أثناء مرحلة الطفولة مجهولة الأسباب، وهناك اختلاف في السلوك والاستجابة للعلاج، إذ إن أورام الأطفال أكثر استجابة وتفاعلًا تجاه المُعالجات، إذ تكون أجسادهم أكثر تعاطيًا مع العلاجات القاسية للسرطان، لأن أعضاءهم لم تتضرر بعد مثل البالغين، وتبلغ معدلات الشفاء القياسية لدى أورام الأطفال في المتوسط نسبة 80 إلى 85 %، بينما تبلغ لدى الكبار بالمتوسط 60 % وأقل.

قلة الدراسات بشأن سرطان الأطفال

وتأخذنا د. السعد إلى منطقة مهمة للغاية، فتقول إن هناك دراسات علمية قليلة بشأن سرطان الأطفال مقارنة بالبالغين، ليس ذلك بسبب عدم الاهتمام؛ ولكن لقلة عدد الحالات، وتتطلب البحوث دراسة كل حالة على حدة، لذا فإن الأمر أكثر سهولة فيما يتعلق بالبالغين، بينما نجد أن عقاقير أورام الأطفال أقل بكثير مما تم اكتشافه للكبار من خلال البحوث، ويمكن الوقاية حاليًا لنسبة تتراوح بين 40 و30 % من حالات السرطان في الكبار عن طريق تلافي عوامل خطر الإصابة بالمرض، بالذات تجنب التدخين والسمنة والغذاء غير الصحي والكحول، لكن لا يمكن ذلك في الأطفال؛ لأن تلك العوامل لا تلعب دورًا رئيسًا في حدوث السرطان في الأطفال كما ذكرنا سابقًا، وعلى الرغم من هذه الاختلافات بين سرطان الأطفال وسرطان الكبار إلا أنهما يشتركان في القائمة السوداء لأسباب الوفاة: فمرض السرطان هو ثاني أسباب الوفاة في البالغين ويسبب نحو 9.5 مليون وفاة سنويا حول العالم، وهو أيضًا ثاني الأمراض القاتلة لدى الأطفال دون سن 14 عامًا، فما يقدر بـ 90000 وفاة سنويا في العالم تحدث بسبب سرطان الأطفال.

صعوبة "تمييز" السرطان مبكرًا

في المحور المتعلق بالأعراض والعلامات التي يسببها السرطان في الأطفال، توضح د. السعد أن من الصعب تمييز السرطان عند الأطفال بشكل مبكر؛ لأن العديد من أعراض السرطان ترتبط أيضا بأمراض أخرى، وينبغي دائمًا التنبه لأية علامات أو أعراض لا تبدو عادية، خصوصًا إذا ما استمرت لفترات طويلة دون أن تستجيب للمعالجات العادية. ومن الأعراض الشائعة التي قد تشير إلى وجود مرض السرطان أو تثير القلق، وهي ما تسمى بالأعراض التحذيرية، الآتي:

  • ظهور تضخم أو كتلة مهما كان حجمها وبأي موضع.
  • الشحوب غير المفهوم أو فقدان النشاط.
  • نشوء توعك أو حمى غير مبررين، يستمران لفترات طويلة، دون استجابة للمعالجات.
  • سهولة ظهور الكدمات على الجلد، وسهولة النزف من الأنف أو الأسنان أو اللثة دون مبرر واضح.
  • وجود ألم موضعي ومستمر لفترة طويلة.
  • عرج بالمشي دون سبب محدد.
  • تغيرات فجائية بالعيون أو اختلال مستمر ومتكرر بالرؤية.
  • صداع مستمر يكون مصحوبًا بالتقيؤ في معظم الأحوال.
  • حدوث انخفاض حاد وسريع بالوزن.
  • الترنح الحركي أو اختلال بالتوازن، الكلام أو تغيير في التطور والنمو العقلي والجسماني.

 

وتستدرك السعد لتقول «أعيد التنبيه أن ظهور هذه الأعراضه لا يعني بالضرورة وجود ورم سرطاني، غير أنها تُعد مؤشرًا أوليًا يستدعي ضرورة التقصي وإجراء مزيد من الفحوصات والتحقق من الأمر، أما فيما يتعلق بمدى أهمية الكشف المبكر للسرطان في الأطفال في إحداث فارق في العلاج، فلا شك أنه عند تشخيص مرض السرطان مبكرًا يؤدي إلى أن يستجيب المُصاب للعلاج الناجح وتزداد بذلك احتمالات بقائه على قيد الحياة وفرص الشفاء، وتخفيف معاناته وتقليل التكاليف الباهظة لعلاجه والتقليل من حالات الوفيات الناجمة عن السرطان.

وكما هو معلوم، فإن بعض أنواع السرطان في الكبار مثل سرطان الثدي في النساء وسرطان القولون في الرجال والنساء وسرطان البروستاتا في الرجال يمكن اكتشافها مبكرًا قبل حدوث الأعراض عن طريق عمل فحوصات معينة متعارف عليها بالنسبة لكل مرض، لكن لا يعدّ الفحص مفيدًا بشكل عام للكشف عن أنواع سرطان الأطفال إلا لحالات قليلة جدًا في صفوف الفئات السكانية شديدة التعرّض لخطر الإصابة، فعلى سبيل المثال، قد تنجم بعض أنواع سرطان العين عن طفرة وراثية، لذا، إذا حُدِّدت تلك الطفرة لدى أسرة الطفل المُصاب بورم أرومة شبكية العين، يمكن إسداء المشورة إلى الأسرة والطفل فيما يتعلق بالعوامل الجينية، والمواظبة على رصد حالة إخوته عن طريق فحص أعينهم دوريًا في مرحلة مبكرة من عمرهم، علمًا أن الأسباب الجينية لسرطان الأطفال لا تتصل إلا بعدد قليل من حالات سرطان الأطفال.

 

عناصر مهمة للاكتشاف المبكر

تختتم د. خلود السعد بذكر عناصر مهمة عدة يتم الاعتماد على الكشف المبكر لمرض السرطان في الأطفال على:

أولًا: وعي الآباء والأمهات عن وجود الأعراض التحذيرية السابق ذكرها وسرعة عمل الفحوصات الطبية.

ثانيًا: وعي أطباء الأطفال وأطباء العائلة في المراكز الصحية لوجود مثل هذه الأمراض في الأطفال يساعد حتمًا على سرعة التشخيص، وتحويل الحالات إلى المتخصصين مبكرًا، فكل طبيب يجب أن يضع احتمالية وجود هذا المرض، وذلك من خلال مراجعة دقيقة للتاريخ الطبي والفحص البدني للطفل، كما أن وجود الوعي الكافي بين الأهل وبين العاملين في مجال الصحة الأولية والثانوية عن سرطان الأطفال يساعد على التشخيص المبكر للمرض وبالتالي بدء العلاج المناسب وبالتالي الوصول إلى درجات عالية من الشفاء.