+A
A-

”قمة البحرين” التاسعة تقرأ اتجاهات مستقبل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

بدا‭ ‬واضحًا‭ ‬أن‭ ‬القمة‭ ‬السنوية‭ ‬التاسعة‭ ‬لليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬بعنوان‭ "‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬والتحول‭ ‬الرقمي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭"‬،‭ ‬التي‭ ‬نظمتها‭ ‬جمعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬البحرينية‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬العالمي‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ (‬اليونيسمو‭) ‬ومكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬يومي‭ ‬الأحد‭ ‬والاثنين‭ ‬27 و28‭ ‬يونيو‭ ‬2021،‭ ‬بدا‭ ‬واضحًا‭ ‬فيها‭ ‬تشخيص‭ ‬الوضع‭ ‬الاستثنائي،‭ ‬محليًا‭ ‬وعالميًا،‭ ‬لقطاع‭ ‬اقتصادي‭ "‬ارتكازي‭" ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭ ‬19‭) ‬لاسيما‭ ‬أنها‭ ‬انضوت،‭ ‬أي‭ ‬القمة،‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ "‬دور‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭"‬،‭ ‬ولكن،‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬المنظور‭ ‬بعد‭ ‬القمة؟

إن‭ ‬من‭ ‬اللافت‭ ‬للنظر‭ ‬استعراض‭ ‬تجارب‭ ‬متخذي‭ ‬القرار‭ ‬ورواد‭ ‬الأعمال‭ ‬لكي‭ ‬يستفيد‭ ‬منها‭ ‬أصحاب‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬فهذا‭ ‬القطاع،‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬رئيس‭ ‬الـ‭"‬يونيسمو‭" ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬العليا‭ ‬المنظمة‭ ‬لذلك‭ ‬المؤتمر‭ ‬عبدالنبي‭ ‬الشعلة،‭ ‬يمثل‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬90 %‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬المؤسسات‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬السوق،‭ ‬وله‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬إنعاش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاستثنائية‭ ‬الراهنة،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬لتعظيم‭ ‬دوره‭ ‬الفاعل‭ ‬في‭ ‬تنشيط‭ ‬السوق‭ ‬وتحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬والازدهار‭ ‬المنشود‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمي‭.‬

التحول‭ ‬الرقمي‭... ‬بوابة‭ ‬المستقبل

عبدالحسن‭ ‬الديري  رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬البحرينية

انتقالًا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬انعقاد‭ ‬المؤتمر‭ ‬وتوصياته‭ ‬وما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬أفق،‭ ‬يلفت‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬البحرينية‭ ‬عبدالحسن‭ ‬الديري‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المرتكز‭ ‬الأساس‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬وهو‭ ‬ذات‭ ‬المرتكز‭ ‬الذي‭ ‬لابد‭ ‬وأنه‭ ‬يهم‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬يتمحور‭ ‬على‭ "‬التحول‭ ‬الرقمي‭"‬،‭ ‬ومواكبة‭ ‬مستجدات‭ ‬العصر‭ ‬لدعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الرقمي،‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إلقاء‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭.. ‬إذن‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬توجهات‭ ‬عالمية‭ ‬المدى،‭ ‬وبلادنا‭ ‬تخطو‭ ‬بثبات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬ريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬ودعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬وهنا‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬القمة‭ ‬قدمت‭ ‬مبادرات‭ ‬نوعية‭ ‬قادرة‭ ‬بالنهوض‭ ‬بهذا‭ ‬القطاع‭.‬

وإذا‭ ‬أمعنا‭ ‬النظر،‭ ‬سنجد‭ ‬أن‭ ‬أمام‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬ولكي‭ ‬تتعافى‭ ‬وتنهض‭ ‬وتتطور،‭ ‬أن‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬الابتكار‭ ‬والتحول‭ ‬الرقمي‭ ‬والطاقة‭ ‬المستدامة‭ ‬وأفضل‭ ‬الطرق‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الطاقة،‭ ‬ومواكبة‭ ‬الثورة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬الرابعة،‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬سيمنح‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬ممارساتها‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬باعتبارها‭ ‬بوابة‭ ‬المستقبل‭.‬

 

أدوات‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬الأزمات

 

لولوة‭ ‬المطلق عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الاتحاد‭ ‬العالمي‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ (‬اليونيسمو‭) ‬ومستشارة‭ ‬جمعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬البحرينية

وتركز‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الاتحاد‭ ‬العالمي‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ "‬اليونيسمو‭" ‬مستشارة‭ ‬جمعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬البحرينية‭ ‬لولوة‭ ‬المطلق‭ ‬على‭ ‬محاسن‭ ‬ومساوئ‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬توظيفها‭ ‬بالشكل‭ ‬الصحيح‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬التحديات‭ ‬والصعاب‭.‬

بالفترة‭ ‬الاستثنائية‭ ‬التي‭ ‬خضع‭ ‬لها‭ ‬العالم‭ ‬بأسره،‭ ‬رأينا‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬كانت‭ ‬أمام‭ ‬أكبر‭ ‬المعضلات،‭ ‬وبين‭ ‬أيدينا‭ ‬تجارب‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬مواجهة‭ ‬بعضها‭ ‬لتلك‭ ‬التحديات‭ ‬والتغلب‭ ‬عليها،‭ ‬وأخرى‭ ‬وجدت‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مهوى‭ ‬السقوط‭ ‬فانتظرت‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬لانتشالها‭ ‬من‭ ‬الوضع‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬الحركة‭ ‬والعمل‭ ‬توقفا،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الرسمية‭ ‬وغير‭ ‬الرسمية‭ ‬أصبح‭ ‬الموظفون‭ ‬يعملون‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬فهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬طبيعته،‭ ‬وإذا‭ ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬الجائحة‭ ‬لها‭ ‬محاسنها‭ ‬ومساوئها،‭ ‬فنقول‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬المحاسن‭ ‬التي‭ ‬يلزم‭ ‬أن‭ ‬نضعها‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬هي‭ ‬تجربة‭ ‬المؤسسة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬وقفة‭ ‬صراحة‭ ‬مع‭ ‬نفسها،‭ ‬وتتدارس‭ ‬كيفية‭ ‬مواجهة‭ ‬الأزمة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬أزمات‭ ‬قد‭ ‬تعترضها،‭ ‬وكيف‭ ‬تعيش‭ ‬وتستمر‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأزمة‭ ‬مع‭ ‬محاربتها،‭ ‬باستخدام‭ ‬الأدوات‭ ‬التي‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الصعب‭.‬

هذا‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬أما‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬فبدأت‭ ‬المؤسسات‭ ‬مراجعة‭ ‬هيكليتها‭ ‬وعملياتها‭ ‬وأساليب‭ ‬تسويقها،‭ ‬فكل‭ ‬العمليات‭ ‬والممارسات‭ ‬والأنظمة‭ ‬خضعت‭ ‬للتدقيق‭ ‬والتقييم‭ ‬والمراجعة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬الجهد‭ ‬والمال،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬استمرار‭ ‬الإنتاج‭ ‬والأداء‭ ‬بصورة‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬بها‭ ‬مع‭ ‬إدخال‭ ‬العناصر‭ ‬التي‭ ‬تساعدها‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬الأزمة،‭ ‬فالمؤسسات‭ ‬التي‭ ‬أغلقت‭ ‬أبوابها‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬الوقوف‭ ‬والرجوع‭ ‬بعد‭ ‬الإغلاق،‭ ‬وهذا‭ ‬صعب‭ ‬للغاية،‭ ‬لهذا‭ ‬يهمنا‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬وتكوين‭ ‬قاعدة‭ ‬صلبة‭ ‬تكتسب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ممارساتها‭ ‬كيفية‭ ‬مواجهة‭ ‬أي‭ ‬ظروف‭ ‬مفاجئة‭ ‬وتحديات‭ ‬وأزمات‭ ‬مستقبلًا‭.‬

 

نقلة‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬الأمام

 

عبدالرحيم‭ ‬فخرو نائب‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬البحرينية

‭"‬لبناء‭ ‬أعلى‭ ‬برج‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬اللبنة‭ ‬الأولى‭ ‬والقاعدة‭ ‬الأقوى‭.. ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬فعلناه‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬حيث‭ ‬جمعنا‭ ‬الخبراء‭ ‬وأصحاب‭ ‬القرار‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬واحد‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬اللبنة‭ ‬والقاعدة‭ ‬القوية‭". ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المدخل‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬البحرينية‭ ‬عبدالرحيم‭ ‬فخرو‭ ‬حديثه‭ ‬به،‭ ‬لينقلنا‭ ‬ضمن‭ ‬رؤيته‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات،‭ ‬ويقول‭: ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬سلسلة‭ ‬مترابطة‭ ‬قوية‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تواكب‭ ‬تطورات‭ ‬الرقمنة‭ ‬العصرية‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬أنجزته‭ ‬بلادنا‭ ‬يعد‭ ‬بحق‭ ‬مفخرة‭ ‬لنا،‭ ‬والحديث‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬عديدة‭ ‬وحتى‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬كجمعية‭ ‬وكذلك‭ ‬لـ‭ "‬اليونيسمو‭"‬‭ ‬ولرواد‭ ‬الأعمال،‭ ‬نؤمن‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬نركز‭ ‬فيه‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬قطاعات‭ ‬مهمة‭ ‬لتتطور‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التطور‭ ‬الرقمي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الجائحة،‭ ‬حيث‭ ‬نقلتنا‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬بتسريع‭ ‬استخدام‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والبرمجيات‭ ‬الرقمية‭.. ‬إذن،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات‭ ‬تؤسس‭ ‬لنا‭ ‬دوافع‭ ‬للنجاح‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬التعافي‭.‬

ويشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬استحدثت‭ ‬تطبيقاتها‭ ‬الرقمية،‭ ‬ولنا‭ ‬أن‭ ‬نقدم‭ ‬مثالًا‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ "‬مجتمع‭ ‬واعي‭" ‬ونحن‭ ‬نشيد‭ ‬به،‭ ‬ومن‭ ‬خلاله‭ ‬أثبتت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أنها‭ ‬تواكب‭ ‬المستجدات‭ ‬الرقمية‭ ‬بصورة‭ ‬متسارعة‭ ‬واحترافية‭ ‬أيضًا،‭ ‬وتتفقون‭ ‬معي‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬برمته‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬فقط‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬الرقمنة،‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬التكيف‭ ‬بسرعة‭ ‬وسلاسة‭ ‬معها‭ ‬للبقاء‭ ‬أقوياء‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭.. ‬الإدارة،‭ ‬الصناعة،‭ ‬التعليم،‭ ‬الطب،‭ ‬وغيرها،‭ ‬ولنا‭ ‬أن‭ ‬نتخيل،‭ ‬مجرد‭ ‬تخيل،‭ ‬كيف‭ ‬ستكون‭ ‬الفوضى‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬إيقاف‭ ‬تشغيل‭ ‬جميع‭ ‬الهواتف‭ ‬المحمولة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭.. ‬أو‭ ‬توقفت‭ ‬شبكات‭ ‬الألياف‭ ‬الضوئية؟‭ ‬وبهذا،‭ ‬استطعنا‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬نؤسس‭ ‬القاعدة‭ ‬التي‭ ‬تضعنا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬التكنولوجيا‭.‬

المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة بحثًا‭ ‬عن‭ ‬التيسير‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬التعسير

بقراءة‭ ‬سريعة‭ ‬لتوصيات‭ ‬قمة‭ ‬البحرين‭ ‬السنوية‭ ‬التاسعة‭ ‬لليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬تكون‭ ‬جمعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬البحرينية،‭ ‬وتحت‭ ‬مظلة‭ ‬الاتحاد‭ ‬العالمي‭ ‬لمنظمات‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ (‬اليونيسمو‭)‬،‭ ‬قد‭ ‬أوجدت‭ ‬خطة‭ ‬طريق،‭ ‬إن‭ ‬جاز‭ ‬لنا‭ ‬استخدام‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬الذي‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬التوصيات،‭ ‬وجاءت‭ ‬كلها‭ ‬لتصب‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬نحو‭ ‬التيسير‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬تعسير‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭ ‬19‭) ‬وما‭ ‬بعدها‭.‬

وفي‭ ‬عنوان‭ ‬القمة‭ "‬أهمية‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتيسرة‭"‬،‭ ‬كما‭ ‬يشير‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬البحرينية‭ ‬عبدالحسن‭ ‬الديري‭ ‬في‭ ‬تلاوته‭ ‬للتوصيات،‭ ‬جاءت‭ ‬أوراق‭ ‬العمل‭ ‬مستفيضة‭ ‬بشكل‭ ‬متقن‭ ‬وعميق‭ ‬لتتباحث‭ ‬في‭ ‬أهمية‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬لتلك‭ ‬المؤسسات،‭ ‬التي‭ ‬تصدرتها‭ ‬ضرورة‭ ‬مواصلة‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬والتقني‭ ‬خلال‭ ‬وبعد‭ "‬كورونا‭".‬

توحيد‭ ‬جهود‭ ‬القطاعين

ومن المهم للغاية كما اتفق المشاركون أن يتم وضع خطط استرشادية لا تقتصر على دولة دون أخرى، وأوصى المؤتمر بالعمل على بناء القدرات لرفع مستوى الوعي، وإكساب أصحاب المؤسسات المهارات اللازمة لإدارة مشروعاتهم باستخدام أحدث التكنولوجيات، وضرورة وضع استراتيجية شاملة لدعم التحول الرقمي لاستدامة الأعمال في مختلف القطاعات، والعمل على وضع خطة طوارئ جماعية لمواجهة أزمة اقتصادية متوقعة بعد كورونا ومنع غلق العديد من القطاعات، وكذلك توحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص لتدابير ووسائل جماعية لدعم الاقتصاد الوطني والدولي وتطوير البيئة التشريعية لتطوير التحول الرقمي.

وشملت التوصيات وضع استراتيجية وخارطة طريق لتفعيل التجارة الإلكترونية بحيث تكون المؤسسات قادرة على الانتشار والمنافسة عالميًا، وتكييف القوانين لتكون أكثر مواءمة ومرونة لتقديم التعليم والتدريب بما يتلاءم مع متغيرات فرضتها الجائحة والاعتبار لتمكين المؤسسات والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة، وإيجاد قاعدة إلكترونية وطنية للمؤسسات، مع إمكان تصنيف هذه المؤسسات وتحديد أهميتها للاقتصاد الوطني، وعمل دراسة شاملة للقطاعات المتوقع نموها لفترة ما بعد الجائحة؛ وذلك للتيسير على رواد الأعمال والمستثمرين لتعديل خطط العمل لأنشطتهم والاستثمار في القطاعات الواعدة، وطرح الحلول التقنية الحديثة بأسعار منخفضة تتمثل في العمل الذكي والتعلم والصحة الرقمية والطباعة ثلاثية الأبعاد والذكاء الاصطناعي، وتختتم بإطلاق مبادرة لتأسيس شراكة تجارية بقيادة القطاع الخاص وتدعمها الحكومة نحو الابتكار وتسهيل الحصول على تكنولوجيا التحول الرقمي.

حزم‭ ‬الدعم‭ ‬طوال‭ ‬عامين

وإذا ربطنا تلك التوصيات بما طرحه وزير التجارة والصناعة والسياحة زايد الزياني، سنرى أن مملكة البحرين سارت ذات المسار، إذ قدمت الحكومة دعمها لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم عدد من حزم الدعم طوال العامين الماضيين، كما سعت إلى الحفاظ على مسار النمو الاقتصادي خصوصا القطاع غير النفطي، مؤكدا الدور الذي تلعبه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في هذا السياق.

ومن الواضح أن دعم حكومة البحرين واضح الخطى، فالدولة ستواصل دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لدعم الاقتصاد، وتعزيز المناخ ضمن المبادرات طوال السنوات الماضية من بينها اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، وصندوق العمل (تمكين)، ومركز دعم الصادرات وغيرها من المبادرات، وقد سارعت لضخ نحو 3.4 مليار دينار منذ مارس 2020 وهو مايشكل 32 % من حجم الاقتصاد، وساعد بشكل في البداية في امتصاص إثر الجائحة، كما لحقها عدد من حزم الدعم للقطاعات الأكثر تضررا من الجائحة.

 

ستكون‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬يعاني

وبمثابة الشهادة وتأكيدا لما تناوله الوزير الزياني، تطرق المنسق العام للاتحاد العالمي لمنظمات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (اليونيسمو) رئيس جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبدالحسن الديري إلى أن خطط الدعم المالي المختلفة التي بدأت العام الماضي من أجل مواجهة الوباء وضمان استمرارية الأعمال في جميع القطاعات متواصلة، وإننا نشيد بهذه الجهود ونقدم مزيدا من الدعم المستمر للتعامل مع الوباء والحفاظ على الأعمال التجارية بعد الوباء، إذ من المتوقع أن تواجه أزمة اقتصادية بمجرد انتهاء الوباء، فمعظم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في البلدان النامية أصغرها في الغالب تديرها النساء، وتعمل في قطاعات مشبعة في الاقتصاد غير الرسمي ويفتقر معظمها إلى الحماية الاجتماعية، ومن ثم فإن المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ستكون أول من يعاني من عواقب وخيمة من الانكماش الاقتصادي، وستكون استعادة الاقتصاد وخلق الوظائف أمرًا أساسيًا بمجرد انتهاء الأزمة الصحية الفورية.

ثروة‭ ‬من‭ ‬الخبرة

جانب مهم للغاية ذلك الذي لفت إليه وكيل الوزارة للشؤون القنصلية والإدارية بوزارة الخارجية البحرينية توفيق أحمد المنصور، فالتهديدات التي تواجه المؤسسات ليست فريدة من نوعها بالنسبة لأي منا، فهي شائعة في جميع أنحاء العالم، ولا يوجد بلد من بلداننا محصن. لذلك لا يمكن مواجهة تحديات اليوم إلا من خلال تعاون عالمي واسع وعميق ومستدام تكون فيه أعمالنا مفهومة جيدًا، وعبر إقامة شراكات حقيقية بين الأمم المتحدة والبلدان الأخرى، وهو أمر ضروري لمواجهة هذه التحديات العالمية، ويمكن أن يكون طريقًا حقيقيًا ذا اتجاهين، مع تحقيق فوائد واضحة لكلا الجانبين. وبصفتها منظمة تتعامل مع قضايا متعددة الجنسيات، فإن الأمم المتحدة ووكالاتها لديها ثروة من الخبرة لإنشاء مثل هذه الشراكات. وتلاقت محاور المنصور مع الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة سيتيفانو بيتيناتو، الذي نظر إلى دور الحكومات التي يجب أن تعمل على تعزيز المعرفة والاحتياجات التقنية، وهذا لا يقتصر على دولة دون أخرى، بل كل الدول عليها أن تستفيد من برامج وتجارب بعضها البعض في الرقمنة وتبادل الممارسات الناجحة.

وضرب مثلًا على مركز التنمية المستدامة في سنغافورة، فهو يمثل تجربة كبيرة لنشر التجارب الناجحة من الدول التي أسماها "الأبطال" في مجتمع المعرفة، ويتطلب ذلك حملات دولية بشكل منظم، والحكومات عليها مسؤوليتها أيضًا كونها منظما وواضعا للمعايير.

أين‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى؟

من التساؤلات والمداخلات المهمة، نشير إلى ما طرحه خبير التنمية في برنامج الأمم المتحدة عفيف برهومي الذي تساءل "أين دور الشركات الكبرى في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟"، ليقول "أنا أعمل في مجال الاستثمار على مدى 25 سنة ولم أجد تجربة في أي دولة من جانب الشركات الكبرى لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وماذا يقدمون لهذه المؤسسات، ليس فقط لتوظيف الأيدي العاملة، بل لتحقيق انتقال إيجابي في مجتمع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهذا ما نعمل عليه للنظر في ربط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع الكبرى، لكن المشكلة ستبقى قائمة إذا تعذروا بالسياسات والأنظمة".

إجماع‭ ‬الخبراء‭: ‬محليًا‭ ‬وإقليميًا

أما الخبراء جورج بيرد ولويزا تومار وساندرين كيركوتش فكان واضحًا تركيزهم على ذات المحاور في أوراق العمل التي قدموها في الجلسة الختامية، ومن بينها تشبيك العمل بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع المؤسسات والهيئات الحكومية ومنحها أولوية وأكثر من ذلك، وفي مرحلة لاحقة يمكن بناء قوة جديدة لربط المؤسسات المحلية بالإقليمية ومع الوكالات العالمية والغرف التجارية، وهنا يصبح العمل مشتركًا كتكتل قوي يشخص التحديات والاحتياجات، والحكومات هنا عليها أن تلعب دورًا استراتيجيًا يقوم أولًا على أن تكون "الاستراتيجيات واضحة"، وتتفهم التحذيرات والمخاطر وتدرب العاملين من القوى الوطنية وتفهم الاتجاه الصحيح للرقمنة، من خلال بناء علاقات مع المؤسسات التكنولوجية في العالم، والاستعداد لرقمنة الأسواق عالميًا.