+A
A-

د.نادية: "سنجد سقطي" مرض ناتج عن صفة موروثة خفية

هي قامة بارزة من قامات الوطن العربي، حفرت اسمها على صفحات التاريخ باكتشافات علمية طبية متعددة، شكلت انعطافة مهمة في حياة الكثير من المرضى وعائلاتهم.

إنها الدكتور نادية محمد عوني سقطي، الطبيبة السورية الأصل والحائزة على الجنسية السعودية، إذ انتقلت للعمل في السعودية بمستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض منذ العام 1978 حتى الآن، وعرفت باكتشافها العلمي المشترك مع الدكتور سامي سنجد، وهو متلازمة "سنجد سقطي" أو ما يعرف باسم (متلازمة الشرق الأوسط).

تحل الدكتورة ضيفة عزيزة في حوار خاص على صدر صفحات العدد الثالث من ملحق "صحتنا" في البلاد، للحديث حول هذه المتلازمة وآخر ما أنتجته الأبحاث والدراسات في هذا الشأن.

وفي ما يلي نص اللقاء:

 

ما مرض "سنجد سقطي"، ومتى اكتشف؟

متلازمة "سنجد سقطي" مرض خلقي وراثي ناتج عن صفة موروثة خفية، خصوصًا لدى العوائل التي بها زواج أقارب، وينتج عنه نقص في هرمون الغدد جارات الدرقية، مع قصور في القامة وتأخر في التطور.

وأما بشأن اكتشافه، فحين التحقت بمستشفى الملك فيصل التخصصي سنة 1978 وفتحت أول عيادة للأمراض الوراثية، بدأت حينها استقبل حالات من متلازمة "سنجد سقطي" وعاينتهم شخصيًا، ولكن كتب عنهم لأول مرة عن طريقي مع دكتور سامي سنجد وآخرون سنة 1988، وكتب عنهم كذلك دكتور ريتشاردسون وكيرك العام 1990.

 

ما الدول التي للمرض وجود فيها، وهل للاسم علاقة بالمكان؟

كل الحالات كانت موجودة في منطقة الخليج وبلاد الشام وفلسطين وصحراء النقب وسوريا.

والآن هناك حالات بمصر، وشخصيًا شاهدت حالتين في الجزائر والمغرب، فهو منتشر في كل أنحاء الشرق الأوسط.

وسمي بمتلازمة الشرق الأوسط لانتشاره الواسع في المنطقة، وحسب اعتقادي فهو جين معروف منذ القدم في الجزيرة العربية، وانتقل للمغرب العربي كالجزائر والمغرب وإلى جانب بلاد الشام أثناء فترة الفتوحات الإسلامية، إلى جانب صحراء النقب التي سكانها من عرب الطائف لما يربو على 500 عام.

 

ما أبرز أعراض الإصابة بمتلازمة الشرق الأوسط؟

من أهم الأعراض هي نقص النمو داخل الرحم، إذ لا يتجاوز وزن الجنين المكتمل بعمر 9 أشهر 1.5 إلى 1.7 كيلوجرام، إلى جانب استمرار نقص النمو بعد الولادة.

ومن الأعراض المهمة كذلك نقص هرمون الغدد جارات الدرقية، وتظهر تقريبًا عند الولادة، وتؤدي إلى نقص الكالسيوم وزيادة بالفوسفور، ونقص هرمون الباراثايرويد.

ومن الأعراض المصاحبة لنقص النمو، يعاني مرضى "سنجد سقطي" من قصر الأطراف المتمثلة في الأيدي والأرجل، وغور الأعين مع وجود غشاوة عليها، إلى جانب الذقن الصغير والأذنين الكبيرتين.

ومن أكثر المشاكل صعوبة لدى المرضى هي مشاكل التنفس أو ما يعرف بمتلازمة نقص التهوية البداني (تعرف أيضًا بالمتلازمة البيكويكية)، والتي لها علاقة بتعصيب الحجاب الحاجز.

 

ما العمر الافتراضي لمريض "سنجد سقطي"؟

أكبر مصاب كان عمره 28 سنة وطوله أقل من متر، ووزنه لا يتجاوز 10 كيلوجرام.

 

ما آخر مستجدات دراسات وأبحاث هذا المرض؟

في مستشفى نيويورك، اكتشف الدكتور دايز الجين المسبب للمرض وهو (TBCE)، وتحدث هذه الطفرة الجينية من خلال حمل الأب والأم للمرض، ومن خلاله يكون احتمال ولادة طفل مصابًا بهذا المرض بواقع 1 من بين كل 4 مواليد، بما يعادل 25 % من كل حمل.

 

ما الاستفادة المرجوة من اكتشاف الجين المسبب لمتلازمة "سنجد سقطي"؟

اكتشاف الجين المورث لمتلازمة "سنجد سقطي" فتح آفاقًا جديدة.

إذ بعد اكتشاف الجين أصبح بالإمكان تقديم حلول للعائلات التي لديها أطفال مصابين بهذه المتلازمة، وذلك عبر الإنجاب عن طريق تقنية أطفال الأنابيب، وهي عملية معقدة وصعبة، ولذلك يفضل الحمل العادي.

وفي الأسبوع الحادي عشر يتم فحص الجنين، فإذا كان مصابًا فيتم الإجهاض وفقا للتشريعات والقواعد الشرعية المتبعة في مثل هذه الظروف.

 

ما أساليب العلاج التي تنصحين بها؟

تم تجربة هرمون النمو مع بعضهم ولكن لم يحقق الاستفادة المرجوة، وعليه ينبغي العمل على معالجتهم مبكرًا بالكالسيوم و "ون ألفا"، للحد من إصابتهم بنقص الكالسيوم، وبالتالي يتأثر الدماغ ويتأثر تطورهم.

 

ما الرسالة التي تودين إيصالها للمرضى وعوائلهم عبر "صحتنا"؟

الأطفال المصابين بمتلازمة الشرق الأوسط هم أناس طيبون وقريبون من القلب، ولهم مكانة خاصة وفضل كبير علينا وعلى عوائلهم.

وأود أن أوجه رسالة مهمة لعوائل المرضى بالنسبة لأبنائهم الطبيعيين، بضرورة التأكد من عدم حملهم لهذا المرض قبل الزواج، وهذا ممكن عبر إجراء الفحوصات المخصصة لهذا الغرض، كما أنصح الحوامل بالفحص على الجنين للتحقق من سلامته، متمنية للجميع السعادة.