+A
A-

قوة الدفاع... إستراتيجية متطورة ومهام متعددة

تجسد قوة دفاع البحرين منذ نشأتها بالعام 1968 برعاية كريمة من لدن عاهل البلاد القائد الأعلى صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، قصة نجاح كبيرة، وتقدم دروسا مهمة في معنى الولاء والانتماء للوطن وفي كيفية التطور والارتقاء وتوفير الأجواء التي تمكن من أداء المهام على أكمل وجه. فإيمانًا من جلالته أن المؤسسة العسكرية هي أهم مكونات الركن السيادي للدولة، وانعكاسًا لحرص جلالته على إرساء إستراتيجية عسكرية متكاملة وفق أحدث أنظمة بناء الجيوش الحديثة وأرقى النظريات العسكرية، تم تدشين قوة مؤهلة قادرة على مواجهة التحديات وحماية مكتسبات الوطن، تقوم بالنهوض بدورها على مختلف المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.

وتستند إستراتيجية قوة دفاع البحرين على 3 مبادئ أساس تعد لازمة وضرورية في نجاح أي مؤسسة، وهي توضيح المهام وتوفير المقومات المادية اللازمة، والاهتمام بالعنصر البشري، فهذه العناصر تتجسد وبكل وضوح في قوة دفاع البحرين منذ تأسيسها إلى يومنا هذا.

قوة دفاع البحرين وتحديد المهام

كانت أولى ملامح هذه الإستراتيجية تحديد المهام المنوطة بقوة دفاع البحرين، وهي:

- الدفاع عن حدود الوطن وحمايته ضد مختلف الأخطار والتهديدات التي يمكن أن يتعرض لها والمحافظة على أمنه واستقلاله وسيادته.

- مساندة الأجهزة الوطنية الأخرى في المحافظة على النظام وسيادة القانون.

- المساعدة في حالات الكوارث والأزمات.

- المساهمة في تطوير البناء الحضاري للبلاد.

- المساهمة مع القوات المسلحة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الدفاع عن دول المجلس في إطار اتفاقية الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي.

- المساهمة مع القوات المسلحة للدول العربية في الدفاع عن أي دولة عربية شقيقة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك العربية.

- التعاون مع الدول الصديقة والحليفة في إطار اتفاقات التعاون الثنائية والدولية لحماية الحدود الإقليمية والأمن الدولي والعمليات الإنسانية ومكافحة الإرهاب.

قوة دفاع البحرين ومقومات النجاح

حرص عاهل البلاد القائد الأعلى على توفير مصادر التمويل المادي واللوازم العسكرية لقوة دفاع البحرين. كذلك تم إعداد عدد من اللوائح العسكرية التي وفرت للقوة الإطار القانوني الذي تعمل به.

كما تم وضع الخطط التي تعمل على انخراط أبناء الوطن في القوة العسكرية، ووضع برامج لتدريبهم داخل البلاد وخارجها، والعمل على توفير الأسلحة والمعدات والتجهيزات والمباني الإدارية ومنشآت التدريب.

وعلى هذا، سارت إستراتيجية عمل قوة دفاع البحرين منذ اللحظات الأولى وفق خطى ممنهجة وعلمية مدروسة تقوم على:

أولًا: الاهتمام المضطرد بمواكبة مسيرة التحديث الشاملة في كل من العنصرين البشري والمادي:

حققت قوة دفاع البحرين نموًا مضطردًا في مختلف أسلحتها؛ لتكون على أهبة الاستعداد للحفاظ على أمن الوطن وسلامته والحفاظ على ما حققته المملكة من منجزات حضارية، واتبعت إستراتيجية تقوم على انتهاج أفضل الأساليب في مجالي التدريب والإعداد للعنصر البشري، والحرص على كل ما من شأنه النهوض بالتدريب العسكري، وتأهيل منتسبي القوة في مختلف مجالات المعرفة المتطورة وعلوم العصر الحديثة في إطار رفع الكفاءة التعبوية والجهوزية القتالية؛ لمواكبة مسيرة التحديث الشاملة في شتى وحداتها وأسلحتها ومعداتها، وتجهيزاتها القتالية والإدارية وذلك وفق تخطيط علمي مدروس.

ثانيًا: المشاركة في عملية التنمية:

تساهم قوة دفاع البحرين في مسيرة البناء والتنمية والتقدم التي تشهدها البحرين في مختلف المجالات، وفق منظومات تمس الحياة اليومية للمواطن البحريني ومن بينها:

1. منظومة المستشفيات العسكرية بقوة دفاع البحرين، والتي تأتي في إطار النهوض بمستوى الخدمات التشخيصية والعلاجية والصحية، وذلك من خلال توفير الرعاية الصحية المتقدمة لجميع المواطنين والمقيمين.

2. المشاركة في الاهتمام الحكومي بتوفير المسكن اللائق والعيش الكريم للمواطنين، إذ أولت قوة الدفاع عناية خاصة بملف الإسكان وجعلته من أولويات أجندتها، فقد أنجزت العديد من المشاريع الإسكانية التي استفاد منها منسوبو قوة دفاع البحرين.

3. توفر المؤسسة الاستهلاكية والاقتصادية العسكرية حزمة من الخدمات؛ من أجل تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين وتوفير أسباب العيش الكريم لهم.

ثالثًا: التعاون المشترك مع الدول العربية عموما والخليجية خصوصا:

حرصًا منها على زيادة التجانس والتعاون وإيجاد روح العمل المشترك الموحد الذي يسهم في تبادل الخبرات وكسب التعاون المطلوب، ومواكبة مختلف متطلبات العمل العسكري المشترك بين جيوش الأشقاء، تقوم إستراتجية قوة دفاع البحرين على التدريب المستمر المشترك بينها وبين القوات الشقيقة من جهة والمشاركة في تحقيق التكامل المأمول مع القوات الشقيقة والصديقة في مواجهة التهديدات والتحديات بكل أشكالها حفاظًا على أمن المنطقة من جهة أخرى.

فبداية من حرب أكتوبر 1973 ورغم حداثة تشكيل قوات الدفاع آنذاك، ومرورًا بالمشاركة في قوات درع الجزيرة المشتركة، ووصولًا إلى المشاركة في عاصفة الحزم باليمن، أثبتت مشاركات قوة دفاع البحرين في العديد من الميادين وجبهات القتال أن قيادتها الشجاعة وجنودها البواسل كانوا على أهبة الاستعداد دومًا لأداء الواجب على أتم وأكمل وجه، وأنهم سيظلون العون والسند لأشقائهم في دول الخليج العربي، وأحد أركان دعم حائط الصد الخليجي والعربي.

وتلعب المشاركة بالتمارين المشتركة دورًا مهمًا من حيث ما يلي:

1. دورها الفعال في رفع مستوى الكفاءة العسكرية والارتقاء بالجهوزية القتالية عن طريق تبادل الخبرات والمهارات الميدانية بين القوات المشاركة في التمرين، وذلك في مختلف مجالات العمليات القتالية والإسناد اللوجستي للقوات في ميادين القتال.

2. توحيد المفاهيم وتبادل الخبرات العسكرية ورفع الجهوزية القتالية لدى القوات المشاركة، من خلال الارتقاء بمستويات الأداء القتالي مما يسهم في اكتساب المزيد من الخبرة الميدانية والقدرة على التخطيط للعمليات الدفاعية بالتعاون مع الأشقاء والأصدقاء.

3. تنمية وتعزيز مجالات التعاون العسكري بين القوات المسلحة للدول الشقيقة المشاركة في التدريبات.

4. تنفيذ مهام مشتركة بين القوات المشاركة حفاظًا على أمن المنطقة ومواجهة التحديات والتهديدات بكل أشكالها.

5. تأكيد عمق الترابط والتآخي وإرساء المزيد من الدعائم القوية في مجال التعاون العسكري الخليجي والعربي والإسلامي في إطار العمل الأخوي البناء؛ من أجل تعزيز مستقبل السياسة الدفاعية الجماعية.

6. تعزيز وتقوية الروابط التاريخية الأخوية المتميزة بين الأشقاء، وتعميق العلاقات الأخوية الوثيقة التي تجمع بين الدول العربية الشقيقة، والتي من شأنها دعم العمل العربي المشترك.

وكان لهذه الإستراتيجية الناجحة إقليميًا مردودها على أعمال قوة دفاع البحرين، إذ حفل سجلها بالكثير من الإنجازات والأعمال التي دونت بكل فخر واعتزاز؛ لتضيف المزيد من التقدم والنجاح في مسيرة البناء والعطاء، والمضي قدما نحو تحقيق المبادئ الأساسية للتنسيق والتعاون العسكري بين قوات الأشقاء، ودعم التعاون العسكري المشترك بدول مجلس التعاون؛ من أجل إرساء إستراتيجية عسكرية متكاملة وموحدة؛ لتصبح حصنًا قويًا في مواجهة التحديات المحيطة بنا وتوفير سبل الأمن والأمان والاستقرار لمنطقتنا.

رابعًا: الدور العالمي لقوة دفاع البحرين:

تقوم قوة دفاع البحرين بدور إنساني عظيم دوليًا بالمشاركة في الأعمال الإنسانية والإغاثية في المنطقة والعالم، من خلال تقديم المساعدات الإنسانية لشعوب العالم التي تتعرض للأزمات والكوارث بسبب الحروب أو بسبب الكوارث الطبيعية، فهي تساهم بشكل فعال وملموس في إرساء رسالة سلام وإخاء للعالم والإنسانية بأسرها.

كما تقوم قوة الدفاع بالتعاون مع عدد من الدول الصديقة في إطار اتفاقات التعاون الثنائية والدولية لحماية الحدود الإقليمية، والأمن الدولي، والعمليات الإنسانية ومكافحة الإرهاب.

وفي كل عام تتجلى الخطوات التطويرية والتحديثية التي تنتهجها قوة دفاع البحرين ضمن إستراتيجياتها الموضوعة؛ لتعزيز هذا الحصن المنيع القائم على حماية مكتسبات الوطن، وبذلك غدت قوة عصرية تقف شامخة بماضيها التليد، وحاضرها الزاهر ومستقبلها المشرق.