العدد 3428
الأحد 04 مارس 2018
banner
نقطة أول السطر أحمد جمعة
أحمد جمعة
هل تنام وبابك مفتوح؟
الأحد 04 مارس 2018

قبل ثلاثة أو أربعة عقود كان البحريني يترك باب منزله مفتوحاً وينام، وإذا أرسل أحد الجيران طبق طعام لجاره وطرق الباب ولم يفتح الآخر، دفع الجار الباب المفتوح ووضع طبق الطعام وخرج، لم يعرف البحرينيون حينها سرقات، ولم تنتهك أعراض، وإذا ما وقع لأحد الأفراد مأزق ما أو حتى فضيحة ما، ستر الجميع عليه واعتبروا ذلك شأنه يتحمل مسؤوليته دون التشهير به، بل عمد الجميع إلى تجاهل ما جرى.

بالطبع تغير الوقت وتغيرت الحياة وتغيرت الأجيال، دخلت السياسة ولعب المال برؤوس الناس وتكالب البعض على المصالح بغض النظر عن النتائج، لم يعد أحد يفكر لحظة بترك بابه مفتوحا، بل تم تركيب كاميرات أمنية وأشرطة فيديو لوقت الحاجة، وأقفلت الأبواب حتى ترى أحياناً بعض الأشخاص يقرعون جرس أحد الأبواب ولا من جواب لأن ثمة كاميرا خارجية تكشف المتسول أو الفضولي أو الجار ثقيل الدم، هكذا يفكر الناس اليوم. 

طفق في بالي هذا الموضوع من وحي حديث سمو رئيس الوزراء حفظه الله مؤخراً حول الانفلات الأمني في وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة طبعاً إلى الشرخ الاجتماعي الذي مس البعض من أفراد هذا المجتمع من ذوي النفوس الضعيفة أو أصحاب النيات الخبيثة ممن يثيرون الفتن ويوقدون مشاعر البسطاء من الناس من خلال نشر الأكاذيب والسموم وخرق القواعد والقيم الاجتماعية الإنسانية التي حفظت على مدى عقود طويلة توازن هذا المجتمع، فاقتحمت تقاليد غريبة مجتمعنا، تقاليد جلبت مع ما جُلب من غرائب وعجائب في هذا المجتمع الذي كان حتى الأمس البعيد ينام السكان فيه وأبوابهم مفتوحة، اليوم ينام الناس وأبوابهم مقفلة ومحروسة بالكاميرات وحتى برجال أمن ومع ذلك لا يؤمنون سلامتهم، ما الذي جرى في هذا المجتمع الصغير المتحاب الآمن؟

صحيح أنه توجد قوانين ونيابة ومحاكم وتقاضي والجميع أمام القانون، ولكن قبل ذلك لابد أن نعيد للإنسان إنسانيته، فأنت لا تستطيع أن تغير الناس بالقوانين فقط، القانون رادع قوي ومطلوب بشدة لحفظ الأمن والاستقرار، ولكن مطلوب أيضاً تثقيف الناس وتذكيرهم بماضي آبائهم وأجدادهم الذين عاشوا بأمن وسلام ومحبة واستقرار حتى مع قلة القوانين وبساطة التقاضي، كان الناس يحترمون بعضهم البعض، ساترين أعراض غيرهم، مفتوحة أبوابهم مثلما مفتوحة قلوبهم، لم يحسدوا غيرهم ولم يشهروا في جيرانهم، ولم يعتدوا على ممتلكات غيرهم، كما قلت كانوا ينامون الليل وأبواب بيوتهم مفتوحة، واليوم رغم كاميرات الأمن وحراس الأمن فأنت تنام وينتابك القلق.

هذا التغيير لا علاقة له بالزمن والحياة، بل بأرواح الناس التي لم تعد كما كانت من قبل، نحن بحاجة لفتح قلوبنا ومن ثم فتح أبوابنا.

تنويرة:

حين تعاكسك الرياح العاتية لا تستسلم فقد تكون معك وأنت غافل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .