العدد 2301
الأحد 01 فبراير 2015
banner
اليمن... ماذا هناك وإلى أين؟ د.محمد المحاسنه
د.محمد المحاسنه
تحليل إخباري
الأحد 01 فبراير 2015

الأزمة في اليمن تكاد تستعصي على الفهم بسبب أن ما يخفى من المعلومات عنها هو أكثر من المعروف منها، وفي حقيقة الأمر، إن ما يجري هناك في اليمن لا يمكن فصله عما يحصل في العالم العربي على العموم والذي شبهه روبرت فسك بقطار سريع خرج عن القضبان الحديدية، وتكاد اسباب ما يجري في العالم العربي الآن ومنه اليمن تنحصر في سببين أولهما الربيع العربي الذي مر بداية بمرحلة شبه ثورات غير منظمة أسقطت بعض الأنظمة، ثم مرحلة الثورة المضادة التي تمكنت من خلالها بعض الأنظمة الساقطة من استعادة الحكم وإن تغير شخص الحاكم، اما السبب الثاني فهو تراجع دور الولايات المتحدة ومحاولة بعض الدول في الإقليم لعب دور يتخطى حدودها والتجريب لأول مرة ربما في لعبة الأمم مع ما يستتبع ذلك من اخطاء وعدم معرفة في اصول هذه اللعبة المعقدة، ومن هذه الأخطاء التي وقع فيها هؤلاء مثلا صنع مكون سياسي معين لتأدية دور ثم بعد ذلك خروج هذا المكون عن السيطرة وربما تكون بعض التنظيمات ليست الا من هذا القبيل، وتشبه هذه العملية التي حاول القيام بها اناس غير محترفين لعبة تحضير الجن ثم العجز عن صرفهم كما يقال.
بعد المرحلة الأولى من الربيع العربي استفاد الإخوان من شبه الثورات تلك في أنهم هم الذين كانوا مهيئين لخوض الانتخابات والفوز فيها أينما جرت في بلدان الربيع العربي، وتخوفت الدول التي أشرنا اليها على انها لعبت خارج حدودها من عدوى الربيع العربي ومن الإخوان بالذات مما خلق فوبيا خاصة ضد الإخوان قادها اصحاب الثورة المضادة اينما كان في بلدان الربيع العربي، وربما كان استهداف الإخوان في اليمن هو الذي دفع الأمور الى ما آلت اليه الآن في اليمن.
ربما جرى تحضير الأمور في اليمن من اجل ضرب الإخوان من خلال دعم الحوثيين لإقصاء الاخوان عن المشهد ثم تفاهم الحوثيين مع النظام مقابل شراكة أو أي عائد سياسي يستطيع الحوثي تحصيله، وعلى الأرجح ان الخطة لم تكن من اجل تسليم الأمور للحوثيين كليا ولأجل ذلك كانت المؤامرة التي اخلت فيها بعض القوى العسكرية وغير العسكرية الساحة للحوثيين دون مقاومة.
المؤامرة في اليمن احبطها بالدرجة الأولى الإخوان والإصلاحيون عموما عندما التزموا السلمية ورفضوا الدخول في قتال مع الحوثيين، الحوثي بعد ذلك وجد فراغا فأراد ان بملأه وهو فراغ تمدد فيه الحوثي في الفترة الأخيرة خارج اطار ما خطط له اصحاب المؤامرة الأصليون وبذلك خرجت اللعبة من ايديهم اولا بسبب عدم الاحتراف في هذا المجال ولأنهم لم يخططوا لأبعد من النقطة الأولى، الإحباط للمخطط ثانيا جاء على يد الرئيس هادي الذي قلب الطاولة باستقالته ووضع الأطراف كلها في موضع الإرباك، لكن خطوة هادي ادت الى تزايد الفراغات مما جعل القاعدة هي الناطق الآن بقيادة الامور بمواجهة الحوثي، وأدت الفراغات الكثيرة الى بدايات تشظي الدولة اليمنية الى اقطار عدة، وكذلك انتعاش آمال علي عبدالله صالح ليطرح نفسه الآن بديلا، ونرجح ان ذلك كله على الأرجح سيعالج قريبا جدا ولكن دون ان نستطيع ان نحسم بنتائج معينة يمكن توقعها.
أما الإحباط الذي قلب الامور كليا رأسا على عقب فهو مراجعة داخلية عربية اقليمية بدأت للتو بسبب خروج القطار عن السكة في اليمن وغيرها من انحاء العالم العربي، حيث وبناء على هذه المراجعة ستتراجع حظوظ الثورات المضادة ربما ليس لصالح الثورات الأصلية، إنما لصالح العقلانية والتصالح مع الذات ولجم اصحاب الأجندات الخاصة الخفية الذين كادوا يضيعون الأمة بأسرها وعلى الأرجح ان العالم العربي متعلقة أنظاره الآن بالقيادة السعودية الجديدة لقيادة الأمور.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية