العدد 1982
الأربعاء 19 مارس 2014
banner
دهس الإرهابيين رد فعل أيضا! أسامة الماجد
أسامة الماجد
سوالف
الأربعاء 19 مارس 2014

كنت عازما على أن أتناول في زاوية اليوم موضوعا يتعلق بوزارة خدماتية، ولكن ما حصل لي مساء الاثنين الماضي جعلني أغير رأيي وأسرد للمسؤولين عن الأمن في البلد قبل المواطن ما حدث كون الوضع الراهن يدعو للدهشة وربما اليأس لا قدر الله.
في حوالي الساعة الثامنة وبينما كنت أقضي حاجة الأهل في “جدعلي”، وتحديدا عند الدوار الصغير بجانب مكتبة “كريستال” خرجت مجموعة من الإرهابيين يلبسون ملابس بيضاء “يا زعم رايحين للشهادة” وكانت أعمارهم صغيرة كما يبدو. وضعوا الإطارات بشكل سريع وأشعلوا فيها النار وأغلقوا الشارع. كانت سيارتي هي الأولى في الصف، ولم يكن بيني وبين الإطارات المشتعلة إلا خطوات، وقف أمامي أحد الإرهابيين وهو يلوح بيده ليأمرني بعدم التحرك متصورا أنني خائف.. حينها جاءتني هذه الفكرة وأنا أرى ذلك المنظر أمامي، حيث قلت في نفسي “استيقظ الشعب وأدرك أن مصيره بيده”.
حركت السيارة قليلا لأثبت لهم أن هذا طريق عام ومن حق الناس أن تمشي فيه. رمقني أحدهم بنظرة ولكن عندما تبين له بأنني عازم على مواصلة طريقي وبكل تحد، أفسح الطريق أمامي، وأقسم بالله لو لم يفعل ذلك لكنت قد دهسته وليحصل ما يحصل. ألم يقل عيسى قاسم في خطبة الجمعة الماضية إن قتل رجال الأمن يعتبر رد فعل وبرر لأتباعه المضي قدما في العمليات الإرهابية؟ نحن أيضا سنعتبر دهس الإرهابيين الذين يهددون حياتنا بأنه رد فعل.
إن لم أفعلها أنا اليوم قد يفعلها غدا مواطن آخر يتعرض لنفس الموقف. كان ومازال المواطن ملتزما بالقانون ويحاول قدر المستطاع عدم مواجهة أولئك المجرمين ولكن هل من الممكن أن يوضع المواطن في ساحة قتال وحياته مهددة ويطلب منه السيطرة على نفسه وضبط النفس؟
قد يكون الطريق الوحيد الذي يراه المواطن اليوم لوقف من يتعرض لحياته في الشارع بمثل تلك الأعمال الإرهابية المواجهة والتحدي، لأن إرهابهم تخطى كل الحدود وبالتالي ما سيفعله المواطن المتضرر انعكاسا لواقع معين وتعبيرا عنه.
إنها نظرية صحيحة وليست بناء فكريا يرتكز على فراغ، ان صمود المواطن البحريني الشريف لكل الاستفزازات والجرائم التي ترتكب في حقه لم يكن له وحده، إنما للوطن والقيادة. إنها تجربة مريرة ولكنها تبقى التجربة الأمثل لأن ما يتعرض له المواطن في البحرين لم يتعرض له أي احد في العالم. قدموا لي دولة يستمر فيها حرق الإطارات وأعمال التخريب لمدة ثلاث سنوات.
إنه اختبار كبير لمدى قدرتنا على مواجهة الإرهاب. أقول هذا الكلام اليوم لأنه أمانة صحافية، فهناك موقف موحد من قبل كل المواطنين تجاه الإرهاب، والمجتمع في هذه الحالة إما أن يكون قوة ضاربة أو قوة خجولة لا تقوى حتى على حل الخلافات البسيطة.
أنحني تحية وإجلالا لرجال الأمن البواسل وقد يطول بنا الحديث حول ما يقدمونه من تضحيات، فوزارة الداخلية تقوم بأكثر من واجبها ولكن بودي أن أطرح سؤالين وأتمنى أن أجد الجواب.. هل يجوز للمواطن إذا تعرضت حياته للخطر كما حدث لي أن ينزل من سيارته ويقوم بالدفاع عن نفسه؟ كثيرون يريدون ذلك ولن تأخذ المواجهة مع الخونة سوى بضع ثوان، فالبلد فيها رجال. وسؤالي الثاني هل يجوز للمواطن أن ينزل من سيارته ويقبض على أحد الإرهابيين الخونة ويسلمه لأقرب مركز شرطة؟ وما هي أقصى عقوبة يستحقها؟.
أتصور أن هذه الأسئلة تدور في خلد كل مواطن متضرر، وبقي أن أذكر أن الدولة تشبه الطائرة، إذ لا يمكن للطائرة أن تقلع وبها خلل ما لأن ذلك يشكل خطرا على حياة الركاب، وكذلك الدولة لا يمكنها أن تستقر وتسير بثبات ما لم تقض على الإرهاب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .