العدد 2126
الأحد 10 أغسطس 2014
banner
وزارة للفرح! أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 10 أغسطس 2014

لماذا لم نعد نفرح كما كنا في الماضي؟ أقترح وجود وزارة للفرح ووزير مهمته زرع الفرح الذي اختفى من حياتنا ولا يعيده لا نخول ونخلة، ولا مليون نخلة يا هيئة السياحة، مع الاعتذار لصيف دبي.
لماذا لا نفرح؟ ولماذا نشدد دائماً على رؤية الجانب المعتم من المشهد؟ هذا هو حال أغلب البحرينيين اليوم بعكس شعوب كثيرة في العالم لا تملك ولا تتمتع بما نتمتع به من رفاهية نسبياً، وأشدد نسبياً بالنسبة لكثير من شعوب الكرة الأرضية المحرومة حتى من الماء والكهرباء والغذاء والصحة؟ ومع ذلك نراها تحتفل وتفرح وتغني وترقص، كذلك الشعوب التي تملك أكثر منا وحققت الرفاهية ونعمت بالحياة، لكن هناك فارق بيننا وبين الطرفين، سواء الذين يملكون أو الذين لا يملكون وهو أننا لا نستمتع بالحياة كما يجب، ولا نأخذ نصيبنا منها بقدر ما نستحق، ولهذا نرى البعض منا يعيش في صمت وخوف مقيد بالأفكار السلبية التي تحرضه على رؤية الجانب المظلم من الحياة.
لقد وهبنا الله نعمة الأمن والاستقرار وحقق لهذه البلاد ما لم يحققه لكثير من الدول خصوصا فيما يتعلق بالتسامح والاعتدال والوسطية الى التعايش السلمي الذي عرفته البحرين منذ تاريخها القديم والحديث وميزها عن باقي الدول.
من هنا لا أجد مبرراً للبعض ممن لا ينظر ولا يتأمل هذا السلام وهذا الانفتاح وهذا الاستقرار الذي عشنا فيه لعقود بالرغم من كل ما مر بالبلاد من تحديات ومخاطر منذ ما قبل الاستقلال وبعده حيث شهدت البحرين عبر تاريخها مواقف صعبة تعرضت خلالها للكثير من المخاطر، سواء إقليمية تمثلت في العلاقة مع إيران التي تستهدفنا دائماً أو عبر الحروب التي مرت بها المنطقة، فقد خرجنا من كل هذه التحديات أكثر استقرارا وأكثر تماسكا، واليوم حين نرى الوجوه والنفوس عابسة متوترة وغير معنية بالفرح، هذا لأن هناك البعض منا ممن خرج عن مبدأ الاعتدال والوسطية والتحق بالتطرف الديني والسياسي الذي أفسد هذا المناخ السعيد وأدخل المواطن البحريني العادي البسيط الذي كان يعيش طوال حياته باحثاً عن الفرح والبهجة، أدخله هذا التوجه في نفق التزمت، وأسهم للأسف الشديد نوابنا في المجلس النيابي والمجالس البلدية وفي الجمعيات الدينية في دعم هذا التوجه من خلال الإصرار على العودة بالبحرين للوراء وهو ما أدى لتحول مجتمعنا من مجتمع يتعايش مع الفرح والحيوية والانطلاق الى مجتمع يغرق في السوداوية والعبوس والانعزال، بعكس الشعوب المحيطة بنا التي انتقل اليها الفرح بفعل ابتعاد قادة الرأي والفكر والسياسة هناك عن التورط في التزمت، وساهم في ذلك بعض من أجهزتنا الرسمية التي دعمت التطرف، ما الذي جرى خلال السنوات الأخيرة وحمل هذا المجتمع على التحول نحو التطرف والانغلاق؟
لو تأملنا اليوم النتائج التي وصلنا لها من خلال أعمال العنف والتخريب لوجدنا أن انتشار التحريض والشحن من خلال استخدام دور العبادة وتسييس الدين هو الأساس في كل ما جرى مثلما حدث تماماً في الجزائر والعراق والسودان وغيرها من الدول التي رهنت مستقبلها لتحالف السياسة والدين، فجاءت النتائج كما هي متوقعة، مناخ يسيطر عليه العبوس والقنوط واليأس والتخلي عن كل ميزات الاعتدال والوسطية وسقطنا في مستنقع التخلف الذي انتزع منا الفرح.
الفرصة الوحيدة المتبقية لنا في هذه المرحلة هي العودة للأساس وهو الاعتدال وانتهاج الخط المتوازن والمنفتح على العالم وهذا لا يأتي إلا بانفتاح البرلمان والمجالس البلدية وإبعاد دور العبادة جميعها عن السياسة وعدم التحريض وتهييج الشارع، عندها سوف يكون للفرح مكان عندنا.
انظروا لدبي وكيف تستثمر كل فرصة وكل مناسبة وكل ثغرة لاستغلالها من أجل إشاعة الفرح، أما نحن فقد قتلنا الفرح في نفوسنا قبل أن يخرج على وجوهنا.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .