العدد 2091
الأحد 06 يوليو 2014
banner
يريدون الانقلاب لا غير أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 06 يوليو 2014

الاتصالات لم تتوقف الأسبوع الماضي، يسأل بعضها عن التنازلات، ويستفسر البعض عن ملامح الانقلاب القادم، والبعض خائف ومرتعب، وكان ذلك مثار استغرابي أن من يسأل ويبحث ويستفسر هم من العارفين ببواطن الأمور، وعلى علاقة بأصحاب القرار، فهل يعقل أنهم لا يعرفون ما يجري؟ أم يريدون مزيدا من الاستفسار والمعلومات، أقول لهؤلاء إن الذي في الفخ أكبر من عصفور، أفيقوا يمكن أن تنقذوا المركب في المرة القادمة!
يا شعب البحرين، ويا مخلصين ويا شرفاء ووطنيين، اللعبة بدأت والتنازلات جاهزة تنتظر نضوج الطبخة والاتصالات تتواصل مع من تعرفونهم جيدا، ولا داعي لذكر أسمائهم، فمجالسهم هذه الأيام وبحجة رمضان مفتوحة ويؤمها أنصار الوفاق وأتباعهم مع بعض المسئولين في الدولة بحجة الصداقات القديمة، هذه المجالس تحولت هذه الأيام إلى مطابخ صغيرة تضخ المناورات والمساومات إلى المطبخ الكبير الذي يديره طرفان، أحدهما من الخارج، والآخر من الداخل، وبرعاية أمريكية ويباركه أوباما، وينسج خيوطه المقيم السامي الأمريكي، ومعه بعض الوجوه المحسوبة على كبار المسئولين، وكل ذلك بمبرر أن البحرين لا تحتمل العنف والإرهاب أكثر. وحان الوقت لوقف ذلك النزيف شرط تقديم التنازلات التي تقود لتسليم البلد في النهاية لأنصار الوفاق وبعدها بقليل لرموز الوفاق أنفسهم، فمن شروط اللعبة أن تؤكل البحرين قضمة قضمة.
سؤالي الحائر، أين ذهب التيار الوطني الكبير؟ أين ذهب الفاتح المارد؟ لماذا طالت الغفوة وتحولت لسبات؟ لماذا اختفت الجمعيات السياسية الوطنية، وأصبح هم قادتها ورموزها الاهتمام بالزيارات المجاملة والبحث عن الوجاهة والاكتفاء بالظهور العلني على صفحات الجرائد؟ أين أعمدة وكتابات الكتاب والصحفيين الذين وقفوا وقفة الشجاعة المنقطعة النظير في فبراير ومارس 2011؟ أين اختفت وتلاشت تلك الرياح في الوقت الذي نرى فيه الطبخة تدار والتنازلات توشك أن تقع، والدولة تغازل الانقلابيين بحجة إنجاح الانتخابات القادمة؟
أليس بالإمكان لو حزمنا أمرنا إنجاح الانتخابات من دون الوفاق ومن دون أعوانها؟ شرط أن يختار الشعب ممثليه ليس على غرار ما فعل في المرة السابقة حينما جاء بالغث والسمين؟!
أقسم بالله أن الوفاق تريد الانقلاب على الدولة وعلى القيادة، ومن لا يصدق ذلك، فهو واحد من اثنين، إما لا عقل له يفكر به، أو متواطئ مع الوفاق ذاتها، ومن هنا أرسم علامات استفهام حول الذين يدعون الوفاق للعودة للحظيرة على حد تعبيرهم؛ لأن الوفاق بقيادتها الحالية وبرموزها، ومعها مستشاروها من الوزراء السابقين وبعض المستشارين الحاليين الذين يدعون الوطنية يصدقون بأن الوفاق تريد الإصلاح وتبحث عن الوحدة الوطنية، لكن همها الأساسي هو الانقلاب وعينيها على لبنان والعراق تريد البحرين على غرار هذين البلدين، وأستغرب مرة أخرى كيف أغمضت الدولة ومعها كل أجهزتها الرسمية طوال السنوات الماضية عينيها عن هذه الحقيقة، وتمادت في دعوة الوفاق للحوار والعودة للحظيرة؟
مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي، هناك من يريد أن يجعل من هذه الانتخابات مثل كل مرة فرصة للانقلاب وخاصة هذه المرة التي ترى الوفاق فرصتها في خداع المجتمع والناس والدولة مستخدمة الوسطاء ومنتظرة التنازلات وتبحث عن الاختراقات لتدخل منها في مفاصل الدولة والعبث بها، وقد وجدت في بعض المسئولين والمخدوعين والمتسلقين من يمهد لها الطريق مثل كل مرة، بل هناك من سيشتغل مع الوفاق حتى على صعيد البحث في وجوه جديدة في مجلس الشورى تخدم الوفاق مثلما خدمها البعض في المرحلة الماضية والحالية، أنتم لا تصدقون بأن في مجلس الشورى هناك من يخدم الوفاق حتى بعد انقلاب الدوار ومازال، فكم نحن سذج لو لم نصدق ذلك، فالذي يبيع وطنه وقت المحنة، والذي يغلق هاتفه وبابه ويختفي عن الأنظار، وهو في مركز المسئولية ماذا نسميه؟ سوبرمان؟
أعرف أن هذه الكتابات سوف يطلق عليها البعض تأزيمية، ومن سيفعل ذلك هم التأزيميون أنفسهم الذين أحرقوا البلد في المرة الأولى، ويريدون حرقها هذه المرة تحت سمع وبصر الدولة نفسها التي لا أصدق بعد ثلاث سنوات من المحنة مازلنا محلك سر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية