العدد 5840
الخميس 10 أكتوبر 2024
banner
هي تربية الأطفال يا سادة!
الأربعاء 25 سبتمبر 2024

من ايجابيات مواقع التواصل الاجتماعي انها تمد الانسان بأحدث الأخبار والتطورات في كل مناحي الحياة، كما تُطلع الانسان على الأنماط والأساليب لتحقيق النجاح بشكل عام، وإذا كان الشخص يريد أن يُؤسس لعمل جديد، أو كان يتطلع للدخول في مجال التجارة أو الصناعة أو الدراسات العليا، أو تعليم المِهن الحديثة أو الدخول في تجربة تعليم اللغات الأجنبية، فمواقع التواصل الاجتماعي عبر الهاتف الذكي زاخرة بكل ما هو جديد، من حيث المعلومات المكتوبة أو المصورة أو مقاطع (الفيديو)، العالم بالفعل أصبح بين يدي حامل الهاتف يجد فيه ضالته.

لكن من أجمل ما وصلني مؤخرا على حسابات التواصل الاجتماعي وجعلني ازداد علما ومعرفة بالتطور الكبير بالنسبة للصينيين الذين اصبحوا الآن في المرتبة الأولى عالميا في الابتكار وغزارة الانتاج ليس في مجال واحد بل في كل المجالات بلا استثناء، ليس هذا فحسب بل صدّروا لنا أجمل ممارساتهم في تربية الأطفال وإعدادهم للمستقبل، من خلال مقاطع مصورة انتشرت بشكل كثيف على الوسائط، فيها مشاهد مذهلة ومدهشة للحد البعيد نرى أطفالا في سن الخامسة من العمر يقومون بأعمال كبيرة تتجاوز كثيرا فئتهم العمرية، مثل الخياطة والطبخ، وصيانة الأعطال في البيت..إلخ..!!.

من هذه المشاهد الكثيرة يتضح لنا الأسباب التي لم نكن نعلمها عن نجاح الصين في التطور والازدهار عبر صناعتهم للإنسان المنتج والمبتكر، وأهم من ذلك نجاحهم في صناعة رجال يتحملون المسؤولية في كل مراحل العمر، فوق هذا وذلك لديهم أخلاق عالية وتقدير كبير للوالدين وللأسرة وللوطن الكبير، هذه التربية أيضا من ضمنها أن الطفل يتعلم منذ وقت مبكر الحفاظ على كل صغيرة وكبيرة في البيت، كما يتعلم المشاركة في الحفاظ على كيان الأسرة، ومن أجمل ما هز مشاعري في هذه السلوكيات أن الطفل يدرك بأن قساوة أمه وأبيه عليه تعبير منهم عن حبهما الشديد له وليس العكس..!.

إن التجربة الصينية تعلمنا بأن نكون أولياء أمور قدوة لأطفالنا، فإذا لم نكن كذلك مهما فعلنا فلا يمكن للطفل أن يكون ناجحا ومتميزا، لذلك نجد الأم والأب في الصين يمثلان القدوة الحقيقية لأبنائهم الذين يرون ذلك متجسدا في الواقع بشكل حقيقي، لذلك هو ينصت لكل توجيهات والديه، ومن هنا نرى بأن الأمهات الصينيات تربين أطفالاً أكثر إنجازاً ونجاحاً أكاديمياً، فهنّ أكثر صرامة من الأمهات الغربيات، كما أن الآباء الصينيين يضعون معايير عالية لنجاح أطفالهم في المدرسة مع الادراك التام بأن قضاء الوالدين وقتا أطول معهم تدفعهم إلى الاقبال على الدراسة بهمة ونشاط مما ينعكس على مستقبلهم الأكاديمي.

ربما يتساءل الانسان حول ما الذي يمكن أن يفسر نجاح الطفل الصيني في دراسته الأكاديمية حسب تأكيد الآباء؟، وفي الاجابة نجد أن الاطفال في الصين يجتهدوا كثيرا في دراستهم ولا يعتمدوا على أحد مثلما ما لدينا في بلادنا العربية، هناك اعتقاد سائد في الصين أن لكل مجتهد نصيب، وأن اي جهد يبذله الطفل في دراسته يعود عليه بالنجاح، الوالدين في الصين يعتقدوا لأبنائهم دائما بأنهم ناجحين، واعتبر ذلك عنصرا أساسيا لتفوق الأطفال في الصين، حيث تشير إحدى الأمهات بنفسها إلى هذه النقطة في صحيفة (وول ستريت جورنال) إنها لا تدع أطفالها يعتقدون أنهم لن ينجحوا، وهذا أمر في غاية الأهمية ويقوي في الطفل الثقة بنفسه.

إن أكثر ما استوقفني في قصص نجاح تربية الأطفال في الصين أن الآباء الصارمون يتمتعون بإحساس التقارب مع أطفالهم، والغريب أن أغلب الأطفال الصينيين يفسرون طريقة آبائهم في التربية القسرية كدليل على أنهم محبوبون لأنهم يتعلمون أن بذل الجهد، وليس الذكاء الفطري، هو مفتاح الإنجاز..!!.

وفي الخلاصة أقول أن ما حققته الصين في العقدين الماضيين من نمو وتطور وغزوها لكل الأسواق بقارات العالم قاطبة، هو الأمر الذي يفسر لنا السبب الحقيقي وراء هذه القفزة الكبيرة، هي تربية الأطفال يا سادة..!.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية