لا زلنا بين فترة وأخرى نتحسر على نمط الحياة القديم قبل التطورات الجديدة التي غيّرت طريقة حياتنا، وجعلتنا نعيش في ظل معاناة شديدة، في الماضي كانت الطيبة والعشرة الجميلة وصفاء النفوس والتكاتف والاخلاص في علاقات الأخوة والصداقة والزمالة بين الناس، كانت السعادة تظلل حياتنا كلها برغم مظاهر الفقر لدى البعض، كنا نفرح لفرح الآخرين، ونحزن لحزنهم لأن نفوسنا كانت نقية، وما نحب لغيرنا إلا الخير، سواء كانت علاقات (الفريج) أو مع زملاء الدراسة أو مجتمع العمل.
إن نمط الحياة الجديد زرع في الناس قساوة القلب والحسد والغيرة والبغضاء برغم أن هذه الدنيا دار زوال ولا يخلد فيها الإنسان، أما العلاقات الاسرية اصبحت تتأثر بما يطلق عليه (النفاق الاجتماعي) مما تسبب في خلل مجتمعي كبير، وعلاقة الزمالة تعاني من الاشكالات الكثيرة، والصداقة بين الأفراد تدهورت في مجملها، إلا ما رحم ربي، والذين يحافظون على الوُد وعلى جميل الصلات أصبحوا قلة، وزادت حالات النفور بين الأصحاب، وما عادت علاقات الصداقة تستمر طويلا..!.
إذا بحثنا عن السبب يمكننا القول أن دخول مجالات التقنية الحديثة في حياتنا بالطول والعرض شغلت الناس عن الكثير من الأمور المهمة مثل تربية الأبناء، والاختيار الصحيح لشريك الحياة وأصبح كل شئ يتم سريعا بدون تأني، اقصد اختيار نوع التعليم الملائم للشخص، واختيار مجالات التخصص، واتخاذ قرار الزواج بدون تأني وبدون تفكير عميق، حتى اختيار الشريك يتأسس على المظهر وليس الجوهر، فتداخلت كل نتائج الخطأ هذه وأدت في نهاية المطاف إلى ما نحن عليه الآن من مشاكل.
البعض يرى أن الحياة بنمطها الحالي وما فيها من اشكالات تتطلب من الفرد الذي يريد أن يكون سعيدا أم يُبعد عن الاختلاط بالناس ويعيش في عالمه الخاص ويشغل نفسه بالبرامج المفيدة وزيادة المعرفة بحيث يتعلم كل ساعة شئ جديد ينفعه في حياته اليومية مستندا على المقولة الشائعة " الإبتعاد عن الناس غنيمة"، وهناك من يرى أيضا " أن الترفع عن الجهلة ليس غروراً والإنعزال في هذا الزمان راحة بال"، فالذي يفكر في النجاح والتميز في حياته يرى بأن عليه الابتعاد عن كل ما يقف حجر عثرة عن تحقيق طموحاته في الصعود والترقي مهنيا وفي الحياة بشكل عام.
ويأتي السؤال الذي يطرح نفسه..كيف اسعد نفسي في ظل ما يحدث في العالم من حولي من صراعات ومن أحقاد ومن حسد ومن غيرة قاتلة..؟!، يجمع العُلماء على أن القرب من الله سبحانه وتعالى هو من أهم أسباب السعادة لأن أداء العبادات في وقتها وتلاوة القرآن الكريم ولو صفحة واحدة يوميا وتدبر الآيات تحدث في النفس شعور جميل بالراحة، والأمر الثاني هو ما يتعلق بتطور المهارات في مجالات التخصص فإذا كان الانسان في مجال الإدارة من المهم جدا أن يزيد معرفته بهذا المجال والبحث عن كل جديد فيه، ومن الأشياء المهمة التي تسعد الإنسان الابتعاد عن الاشخاص السلبييّن السوداوييّن، الذين ما وجدوا فرصة إلا وتحدثوا عن صراعاتهم مع الآخرين ومشاكلهم في العمل مع زملائهم ومع المسؤولين، هؤلاء هم الذين يصوروا لنا الحياة وكأنها جحيم وبالتالي يتركوا فينا اثرا سلبيا نحن في غنى عنه.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |