العدد 5837
الإثنين 07 أكتوبر 2024
أنانية الأبناء تجاه الوالدين!
الثلاثاء 19 مارس 2024

تئن مجتمعاتنا بالقصص الموجعة المؤلمة من عقوق وأنانية الأبناء بعد وفاة أحد الوالدين تكشف لأي مدى أصبحنا قساة القلب وبلا ضمير لا نرى إلا مصلحتنا الشخصية بعيدا عن أي شعور بالامتنان أو الرحمة، (ام نورة) البالغة من العمر 55 عاما توفى عنها زوجها وهي في سن الثلاثين وتركها تجابه مصاعب الدنيا مع بنتين وولد سهرت على تربيتهم وتعليمهم حتى نالوا الوظائف التي تمكنهم من العيش بسلام وأمن واستقرار اجتماعي ونفسي حتى تزوجوا وانجبوا من البنين والبنات.

وبعد تعب السنين أصبحت (ام نورة) لوحدها في البيت مع خادمتها، بدأت تشعر بالوحدة والكآبة تنتظر الاجازة الاسبوعية بفارق الصبر لمجي ابنائها واحفادها أحيانا يقضوا معها ايام الاجازة، ومن دونهم تشهر (ام نورة) بأن الايام الاسبوع كأنها سنة كاملة، ولما كانت محتفظة بجمالها ورقتها وشبابها نقل لها أحد اصحاب المرحوم زوجها رغبته في الزواج منها خاصة وان زوجته متوفية وحالته المادية في وضع حسن، وقد عبّر لها عن محبته وتقديره لها لما عرفه عنها من المرحوم زوجها، (ام نورة) لم تعطي الرجل الموافقة ورأت أن تختبر رغبة بناتها وولدها الوحيد، فصدمت من ردة فعلهم، ليس لأنها ترغب في الزواج بشدة لكنها صدمت من أنانية ابنائها خاصة وأنها لأكثر من 20 عاما بعد وفاة والدهم لم تدخر جهدا إلا وبذلته في توفير كل احتياجاتهم.

(ام نورة) أعطت أبنائها كل الحب وكل الحنان وكل العاطفة، تجاهلت كل رغبات نفسها واحتياجاتها كأي امراة في هذه الحياة، وقد تفانت في خدمة أبنائها ورعايتها لهم، لم تكن تتوقع يوما أن تصل بأبنائها هذا الجحود وحب الذات، وحيال رفضهم (ام نورة) لم تفعل شيئا تجاه أبنائها على ما رأيته منهم من غضب وتزمر لأنها فكرت فقط في الزواج لتعيش سعيدة ما تبقى لها من سنوات العمر، كانت تقول في نفسها "تركتكم للزمن وهو كفيل بأن يؤدبكم، وأن يذكركم بما قدمته لكم، وأن الحياة لا تستمر على منوال واحد، يوما ما ستتغير الأمور"..!.

هذه قصة (ام نورة) وهي نموذج لقصص إنسانية كثيرة تدمي القلوب، وهناك قصص عديدة كذلك لآباء رفض ابنائهم زواجهم بعد وفاة أمهم على نسق نموذج (ام نورة) رجال افنوا انفسهم سنوات طويلة من أجل ابنائهم لكن كانت النهاية المؤلمة، وكأن الزواج بعد وفاة الشريك محرمة شرعا، في الحقيقة هي محرمة من قبل المجتمع وليس من الدين ولا من الشرع، لأن ثقافة (العيب) القسوة وموت الضمير منتشرة في مجتمعاتنا أكثر من انتشار قيم الدين التي ترسخ للحب ونشر المحبة وتكريم الوالدين والاحسان لهما بعد سنوات التعب وبذل الجهد والعرق والمال في تربية الأبناء وتعليمهم، والبحث لهم عن فرص التوظيف يكون آخرها العقوق والانانية..!.

إن ديننا الاسلامي الحنيف قد أباح زواج أيا من الوالدين بعد وفاة الشريك، أن يتزوج وأن يعيش حياته، خاصة وانه قد قام بواجبه تجاه ابنائه على الوجه الأكمل، فالدين يعلمنا أنه لا يحق للأبناء الاعتراض على هذا الزواج؛ لأنه من العضل المحرم شرعا.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية