+A
A-

أقدم سمسار: نتداول الأسهم بجوار سوق الخضرة

سعر سهم البنك كان يصل 30 دينارا والخليجيون يشترون

معايير “المركزي” أجبرته على ترك وظيفته بعد 40 سنة

“البورصة” تكرم الوسيط خسرو تقديرا لما قدمه للسوق

اضطر ناصر خسرو (مواليد 1951)، وهو أقدم وسيط للأسهم في بورصة البحرين، إلى ترك وظيفته التي عمل فيها منذ أن كان عمره 20 سنة، كوسيط وسمسار للأسهم في الشركات البحرينية قبل أن يبدأ التداول بالبورصة رسميا في 1989، وذلك بعد متطلبات جديدة فرضها مصرف البحرين المركزي لمواكبة المرحلة.

ويقول خسرو لـ “البلاد”: إن مصرف البحرين المركزي أبلغ الوسطاء الأفراد أن عليهم توظيف شخص متخصص لمراقبة ومكافحة غسيل الأموال، وبما أن أعماله لا تكاد تغطي تكاليفه، ودفع أجر موظف إضافي يكلفه 500 دينار شهريًا، إلى جانب إيجار المكتب بالبورصة بنحو 250 دينارا و20 % رسوم من قيمة أتعاب أي صفقة، فإنه فضل توديع وظيفته على مضض، ليترك وراءه ذكريات المهنة التي أفنى فيها زهرة شبابه.

ويضيف خسرو، أنه لا يتذكر بالتحديد متى بدأ نشاط وساطة الأسهم، لكنه أشار إلى أنه بدأ هذه المهنة منذ أن كان عمره 25 سنة وقبل تأسيس بورصة البحرين، إذ كانت مكاتب السماسرة مقابل السوق المركزية بالمنامة، ولم تكن هناك بورصة لتحديد الأسعار، بل ولم تكن هناك حتى رخصة رسمية لمزاولة المهنة، إذ كان الوسطاء يقيمون الأسعار على غرار ما يحصل في سوق العقارات اليوم.

ورغم أن خسرو عمل في بداية حياته كسائق أجرة في شركة “ألبا” وعدد من الوظائف، واستقر في مهنة وسيط أسهم، لتحتفظ ذكرياته بمحطات رافقت الصعود الاقتصادي للبنوك.

ويتذكر خسرو جيدا أنه عمل في سوق اكتتاب الأسهم، إذ كان الخليجيون يأتون إلى البحرين لـ “يشترون الجوازات”، ويقصد بها شراء الأسهم بأسماء بحرينية ولكن في الباطن لصالح المستثمر الخليجي، ليحصل على نسبة تخصيص أعلى إذ كان يصل “سعر الجواز” نحو 25 دينارا.

ويقول خسرو “إن أيام الأسهم في السبعينات والثمانينات كانت بخير، فمثلا كان سعر سهم بنك البحرين والكويت يصل إلى 30 دينار تقريبا”، إذ عاصر خسرو فترات الاكتتاب في البنوك.

ويتذكر الوسيط كذلك، أزمة ما يطلق عليه حينها “سوق المناخ”، وهو سوق الكويت للأوراق المالية غير الرسمي حتى العام 1983، إذ كان يتم تداول الأسهم دون الخضوع لرقابة أو أنظمة حكومية، حتى تعرض الكثيرون لخسائر من بينهم بحرينيون.

ويشير خسرو إلى أنه حينما انطلقت بورصة البحرين للعمل الرسمي نهاية الثمانينات، لم يكن هناك سوى 3 وسطاء أفراد ومؤسسة واحدة هي “الخليج”، لكن بدأ الأفراد الانسحاب شيئًا فشيئًا، ويتوقع أن يغادر آخر وسيط السوق نهاية هذا العام بعد انسحاب أحد الوسطاء قبل نحو عام وهو قبل شهر.

ويقول خسرو: إن “جيل الطيبين” بدأ يستسلم للزمن، فعصر من شهدوا الطباشير والأقلام واللوحات التي كانت تدون عليها الصفقات في بدايات البورصة، وواكبوا اللوحات الإلكترونية الحديثة، تشارف على النهاية في هذا العام، متوقعا مغادرة آخر الوسطاء الأفراد الذين عاصروا الفترات التاريخية لتطور البورصة نهاية هذا العام.

وكرمت إدارة بورصة البحرين الوسيط خسرو بتذكار زجاجي، في حين لا يمتلك أي مصدر رزق أو راتب تقاعدي يغطي تكاليف حياته، إلا أنه رغم ذلك يحمد الله أنه عاش هذه السنوات واستطاع في تكوين أسرته من “خير الأسهم”.