+A
A-

تحية وتقدير لمسارحنا الأهلية ورسالتها العظيمة في اليوم العالمي للمسرح

يصادف اليوم الجمعة 27 مارس اليوم العالمي للمسرح، وقد كلفت الهيئة العربية للمسرح الكاتب الباكستاني شهيد نديم أن يكتب رسالة هذا العام، وحملت الكثير من الفكر والثقة والحماسة بالإضافة إلى الامنيات التي تحترق كالنار الخضراء، وقبل الدخول في تفاصيل موضوعنا ننقل إلى القارئ فقرة من رسالة نديم:
“عالمنا اليوم يكثر فيه التعصب، الكراهية، العنف، الأمم تحرض بعضها على بعض، المؤمنون يقاتلون المؤمنين، المجتمعات تبث الكراهية، الأطفال يموتون من سوء التغذية، الأمهات يمتن أثناء الولادة بسبب عدم وجود رعاية طبية جيدة، أيدلوجية الكراهية تزيد وتزدهر.
كوكبنا اليوم يغرق أكثر وأكثر تحت مناخ كارثي من الحروب، المجاعات، الموت، كل هذا يحدث صمتاً رهيباً وينبئ بالفعل بنهاية العالم، نحن بحاجة في هذه الايام لتجديد قوتنا الروحية نحن بحاجة لمحاربة اللامبالاة، الخمول، التشاؤم، الجشع، محاربة من يتجاهل عالمنا الذي نعيش به، الكوكب الذي نعيش عليه.
للمسرح دور نبيل من خلال إعطاء مساحة الاداء والاهتمام بقيمة خشبة المسرح والسعي لتحويلها لخشبة مقدسة تعطي طاقة، حيوية، تعبئة بشرية لعدم السقوط في الهاوية.
الفنان المسرحي في جنوب آسيا يشعر بحساسية خشبة المسرح قبل أن يصعد عليها، يساعده على إتمام ذلك تقليد قديم يمزج بين الروح والثقافة، حان الوقت لاستعادة العلاقة التكاملية مابين الفنان المسرحي والجمهور، ما بين الماضي والمستقبل، العمل في المسرح هو عمل مقدس، وللرفع من قيمة الأعمال المسرحية الروحية يجب على الممثلين التعمق في الشخصية وتاريخها، أخيرًا المسرح لديه القدرة ليتحول إلى مزار للأداء الروحي”.  المسرح هو المرآة التي تحيط بالظاهرة الانسانية كاملة عبر الحركة سعة وعمقا، فهو بهذا التحديد ليس الحدث نفسه، بل محاولة في إعادة تأليفه بشكل يتيح للفاعل أن يرى فعله، ويشاهد نفسه ممسكا بالزمن عن الدوران، ليتملي طويلا من صورته المثبتة أمامه وقد طفقت تختال بشتى الألوان، وتتجلى ضمن شتى الخطوط والأطر. ولعل اهتمام الجمهور بالمسرح الذي يحلل العادات ويغوص إلى أعماق النفوس، يعود إلى هذه الطبيعة البشرية التي تغري الانسان بمشاهدة ما لا يستطيع مشاهدته في نفسه بينما هو يجري وتجري معه الحياة بلا توقف، ولعل التأمل واللهو لدى المشاهد نفسه على المسرح، عملان يتمان معا بلا انفصال، في غمرة المشاهدة، كما يتم العبث والاستغراق معا في وقوف الحسناء أمام نفسها، وجها لوجه في المرآة. وما أظن مسرحا يفقد إحدى هاتين الميزتين او کليهما.
المسرح هو من يضع الأسس والقواعد في منهج حياتنا، وله دور كبير في ترقية الشعوب، حتى ولو لم نكن نستعل ما تعلمناه بطريقة مباشرة في الفن المسرحي، لكن تبقى حقيقة واحدة، وهي بقاء هذه القواعد أو الأساسيات التعليمية في اللاشعور، والتي هي الكنز والمعين الذي يدفع الفنان في كل لحظة إلى العمل وإلى التمثيل في كثير من الأحاسيس والوجدانيات.
المسرح هو الينبوع الدافئ الذي يرفد أنفاسنا بالحياة، وكما يقول الناقد المسرحي روبير كامب “أن المسرح هو أقوى الأجهزة الثقافية وأكثرها فعالية بصورة مباشرة في نشر الثقافة عن طريق التسلية والمرح، ففي المسرح يتعلم الإنسان معنى العواطف، وكما يجمع الهواة طوابع البريد، يجمع المتفرج في المسرح أنماطا من الطباع والأخلاق. هذا إلى أنه يتذوق الأسلوب الرفيع والألفاظ الجزلة. أما الابتذال والقبح فيجب إقصاؤهما من المسرح اقصاء الأمراض المعدية، فالمسرح خير علاج ناجع ضد أمراض النفس والفكر، المسرح الرفيع بلا شك. أما المسرح الوضيع فلا يمكن أن تتفشي معه، سوى أبشع ألوان الأوبئة المعدية، وغالبا ما تنتشر بسببه عيوب ذهنية لا لعلاج لها.
في هذا اليوم، نقدم كل التحية والتقدير لمسارحنا الاهلية “أوال، الصواري، جلجامش، البيادر، الريف” ورسالتهم العظيمة ونذكرهم بأن على عاتقهم رسالة ثقافية مهمة وأن المسرح المتقدم هو المسرح الذي يوقظ الجمهور ويتوجه به إلى النظر في المشكلات العامة والجماعية، كما نتمنى من الجهات المسؤولة أن تعيد مسابقة المسرح السنوية وإعادة فتح هذه القناة لما لها من أهمية بالغة في التكوين الثقافي والفني.