+A
A-

القرار الإداري المعيب “محصّن” إذا لم يُسحب بعد مدة معقولة

((تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الالكترونية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية ، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الاشارة للمصدر.))

 

رئيس المؤسسة سكت 8 أشهر ثم رفض تعيين موظف

لا يجوز سحب القرار الإداري السليم

لا يصح أن يكون حق سحب القرار المعيب مؤبدا

تقدير المدة المعقولة لسحب القرار المعيب لكل حالة على حدة

 

أرست محكمة التمييز مبدأ باشتراط مدة معقولة لسحب القرار الإداري المعيب، مثلما جرى مع الحالة التي نظرتها محكمة القانون برفض الرئيس السابق للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تعيين مواطن بعد مرور 8 أشهر على توقيع الأمين العام الأسبق قرار توظيفه.

وقالت المحكمة: لا يصح أن يكون حق سحب القرار المعيب مؤبدا وبعد انقضاء المدة المعقولة لسحبه، فيسقط حق الإدارة بذلك والساقط لا يعود.

ورأت المحكمة أن مضي 8 أشهر من سكوت الرئيس السابق للمؤسسة مدة طويلة وغير معقولة لسحب القرار، ويضحى قرار السحب معيبا بما يتعين إلغاؤه وما ترتب عليه من آثار.

وصدر الحكم غير المنشور بتاريخ 19 مارس 2019.

ملخص القصة

تتلخص قصة القضية بأن موظفا عمل بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بعقد عمل بالنظام الجزئي في مايو 2013 ونظرا لأدائه المتميز قرر الأمين العام الأسبق للمؤسسة تعيينه بوظيفة دائمة على الدرجة الثامنة منذ سبتمبر 2014.

ومن بعد انتهاء خدمة الأمين العام الأسبق فوجئ الموظف بتخيير مسؤولي المؤسسة له بين العودة لنظام الدوام الجزئي أو إنهاء خدمته.

وإزاء تمسك الموظف بوظيفته الدائمة فوجئ بمنعه من دخول المؤسسة، وإخطار الأخيرة للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي بأنها فصلته من العمل بزعم أن الرئيس السابق للمؤسسة لم يوافق على التعيين الذي وقعه الأمين العام الأسبق.

ورفضت محكمة أول درجة القضية، ونقض الموظف المفصول الحكم، وأيدت محكمة الاستئناف العليا المدنية الحكم، وطرق باب محكمة التمييز، والتي انتصرت له وكسب القضية.

وفي 27 أكتوبر 2019 أمرت محكمة التنفيذ المؤسسة الوطنية بتنفيذ الحكم وفق ما جاء في منطوقه وما صدر عن محكمة التمييز من تفسير، والذي تضمن إرجاع الموظف لذات الوظيفة بذات الامتيازات المقررة له بالتعيين في وظيفة دائمة وصرف جميع الرواتب المستحقة من تاريخ الفصل حتى تاريخه.

حيثيات الحكم

ومن أبرز ما تضمنته حيثيات الحكم ما يأتي: إن القرار الإداري الذي يولد حقا أو مركزا شخصيا للأفراد لا يجوز لجهة الإدارة سحبه أو العدول عنه متى صدر سليما مستوفيا الشروط القانونية المقررة خضوعا لدواعي المصلحة العامة التي تحتم استقرار ودوام القرار.

أما القرار الإداري الذي يشوبه ثمة عيب فالأصل فيه أنه يتعين على جهة الإدارة سحبه والعدول عنه التزاما منها بحكم القانون وتصحصحا للوضع المخالف الذي تولد عن هذا القرار.

غير ان استثناء من هذا الأصل واستجابة أيضا لدواعي المصلحة العامة واستقرارا للمراكز القانونية للأشخاص فإن سحب الإدارة لهذا القرار المعيب ينبغي أن يكون خلال مدة معقولة، إذ لا يصح أن يكون هذا الحق مؤبدا فإذا انقضت تلك المدة – والتي لم يجر بها نص في القانون أو جرى عليه القضاء وإنما تقدّر بقدرها وبمراعاة ظروف كل حالة على حدة- دون إلغاء القرار، فقد سقط حق الإدارة في سحب القرار، والساقط لا يعود.

القرار المعيب

وذكرت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن الطاعن (الموظف المفصول) قد تم تعيينه بتاريخ 17 أغسطس 2014 بموجب قرار من الأمين العام للمؤسسة (المطعون ضدها).

وتنص المادة 14 من لائحة شؤون الموظفين بالمؤسسة أن يصدر بتعيين الأمين العام المساعد أو المدير قرار من الرئيس بناء على توصية من الأمين العام، ويكون تعيين باقي موظفي الأمانة العامة والمستشارين والباحثين بقرار من الأمين العام بناء على توصية لجنة شؤون الموظفين وموافقة الرئيس.

وذكرت المحكمة: ولئن خلت الأوراق مما يفيد موافقة رئيس المؤسسة على هذا القرار، وهو ما يعيبه غير أن سكوت رئيس المؤسسة على هذا القرار المعيب لمدة استطالت لنحو 8 أشهر، وهي مدة طويلة وغير معقولة، فإن حقه في سحب هذا القرار يكون قد سقط، ويضحى قرار السحب معيبا بما يتعين إلغاؤه وما ترتب عليه من آثار.

طلب التعويض

أما بالنسبة لطلب التعويض، فبينت المحكمة أنها لطالما ألغت قرار إنهاء خدمة الطاعن وهو ما يستتبع إلغاء ما ترتب عليه من آثار، وإن قضاءها في هذا الخصوص ينطوي في ذاته على تعويضه عن كافة ما لحقه من أضرار بسبب هذا القرار، ويضحى طلبه بالتعويض قائما على غير سند، وإن ما ينعاه على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد.