+A
A-

التسـلسـل الدراماتيكـي لـ “بـريكسيـت”

منح الاتحاد الأوروبي في قمة بروكسل التي انعقدت في العاشر من الشهر الجاري، مهلة جديدة لبريطانيا للخروج من الاتحاد، تمتد حتى 31 أكتوبر المقبل. وكان من المقرر أن تنسحب بريطانيا رسميا من الاتحاد في 29 مارس الماضي، إلا أن مجلس النواب عطل التنفيذ.

وفي تعليق لها على التمديد الجديد، أكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أن بلادها بإمكانها الانسحاب من الاتحاد قبل هذا التاريخ. ويخشى الطرفان من “بريكسيت” بدون اتفاق، بسبب التداعيات الاقتصادية الممكنة على كل منهما.

وغرد رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك على “تويتر” في نهاية قمة بروكسل “وافقت الدول الـ27 في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا على تمديد مرن حتى 31 أكتوبر. هذا يعني 6 أشهر إضافية للندن من أجل إيجاد أفضل حل ممكن”.

ولا تزال ماي من دون أكثرية برلمانية داعمة لاتفاق الانسحاب، وهي تجري منذ فترة وجيزة محادثات مع المعارضة العمالية للخروج من المأزق.

ورفض البرلمان البريطاني اتفاق الانسحاب الذي توصلت إليه الحكومة مع دول الاتحاد الأوروبي 3 مرات، ما ألقى بعملية الانسحاب من التكتل في أتون فوضى شاملة ومستمرة منذ 3 سنوات.

ويرفض معظم النواب بمجلس العموم البريطاني “البرلمان” بعض التفاصيل في الاتفاق، خصوصًا المتعلقة بالحدود مع جمهورية أيرلندا، العضو في الاتحاد.

لكنهم يرفضون أيضًا الخروج دون اتفاق، ما وضع البلاد في دوامة منذ شهور، وسط إصرار بروكسل على خطة “بريكست” بصيغتها الحالية.

وقالت ماي للبرلمان بعد التصويت “أخشى أن نكون قد بلغنا أقصى حدود هذه العملية في المجلس... هذا المجلس رفض الخروج دون اتفاق ورفض عدم الخروج. كما رفض جميع التغييرات المطروحة على الاتفاق”.

وتهدد دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي أنها ستمضي في الإجراءات دون اتفاق.

وكانت لندن قد اتخذت قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي “بريكست” عبر استفتاء أجرته في 23 يونيو 2016.

وكشف الاستفتاء عن انقسام داخلي كبير بشأن العديد من القضايا وأثار جدلا واسعا بشأن أمور شتى مثل الانفصال والهجرة.

ويطالب مئات الآلاف من البريطانيين باستفتاء ثان، في وقت يطالب فيه مئات الآلاف أيضا من مؤيدي الانفصال المضي قدما في التنفيذ.

ويثير الغموض الذي يكتنف عملية الانفصال، قلقا شديدا لدى الحلفاء والمستثمرين خصوصا أن هذه الخطوة تعد أهم خطوة سياسية واقتصادية في بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية.

ويخشى المعارضون للانفصال من أن يؤدي الخروج إلى إضعاف الاقتصاد البريطاني وإلى انقسام أوروبا في مواجهة رئاسة أميركية غير تقليدية تحت قيادة دونالد ترامب فضلا عن زيادة تأثير روسيا والصين.

ويقول المؤيدون للانفصال إنه رغم الاضطراب قصير الأجل الذي قد ينجم عنه، إلا أنه سيتيح للمملكة المتحدة الازدهار على المدى الطويل إذا تحررت مما يصفونه بالمشروع الفاشل لإقامة وحدة أوروبية.

الاقتصاد البريطاني يخسر 6 ملايين دولار بالساعة

وبحسب تقرير لشبكة (CNN)، فإن حالة عدم اليقين التي تشهدها عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، “بريكست”، تسببت بأضرار كبيرة لاقتصاد المملكة المتحدة.

وتسبب التصويت على مغادرة بريطانيا الاتحاد في يونيو 2016، بانخفاض كبير لقيمة الجنيه الإسترليني، وبشرت بسنوات من عدم اليقين، تسببت في ضعف النشاط الاقتصادي، وأدت إلى تراجع الاستثمار.

ووفقًا لبنك إنجلترا (البنك المركزي)، فقد أصبح الاقتصاد البريطاني حاليا أصغر بنسبة 2 % مما كان سيحدث لو اختارت المملكة المتحدة البقاء في الكتلة الأوروبية.

كما حذر البنك من خطر الانكماش وتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8 % وخسائر تتجاوز الـ 100 مليار جنيه إسترليني سنويا على مدار 10 أعوام مقبلة.

وأشار إلى ارتفاع نسبة البطالة، وكذلك الأمر بالنسبة للتضخم، حيث توقع أن تصعد 6.5 %. وقال ستهبط قيمة العقارات بنسبة تصل إلى 30 %.

مليار دولار خسائر أسبوعية

وتبلغ قيمة الناتج الاقتصادي المفقود منذ الاستفتاء حوالي 800 مليون جنيه إسترليني (مليار دولار) في الأسبوع، أو4.7 مليون جنيه إسترليني (6 ملايين دولار) في الساعة.

وتتراكم العواقب الاقتصادية السلبية، على الرغم من عدم وجود تغييرات هيكلية حتى الآن في علاقة بريطانيا التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي أو بقية العالم.

وفي ظل عدم وضوح شروط التجارة المستقبلية في المملكة المتحدة منذ ما يقرب من 3 سنوات، جعل من الصعب على الشركات التخطيط للمستقبل، إذ عمد العديد منها إلى تأخير استثماراتها أو إلغائها، فيما قامت أخرى بضخ الملايين استعدادا للخروج بدون صفقة.

وفي ظل فوضى السياسة البريطانية، لا يزال هناك خطر من مغادرة البلاد للاتحاد الأوروبي دون اتفاق انتقالي لحماية التجارة.

وقال بنك إنجلترا، إن تداعيات هذا السيناريو ستكون أسوأ من الأزمة المالية للعام 2008.

لكن الاقتصاد البريطاني، لا يزال يسقط نحو الأسفل في الترتيب ضمن مجموعة السبع الكبرى، إذ تراجع النمو الاقتصادي من وتيرة سنوية تبلغ حوالي 2 % إلى أقل من 1 % حاليا.

وتوقف الاستثمار من قبل الشركات البريطانية بعد الاستفتاء ليهبط بنسبة 3.7 % في العام 2018، وفي الوقت نفسه، شهدت بقية دول مجموعة السبع نمو استثمارات الأعمال بنحو 6 % سنويا منذ التصويت، وتراجعت ثقة الشركات في بريطانيا إلى أدنى مستوى لها منذ حوالي عقد.

وشعرت الأسر البريطانية بالمعاناة، بعد أن انخفض الجنيه بنسبة 15 % مقابل الدولار بعد تصويت 2016، ما دفع أسعار السلع المستوردة للارتفاع، وحفز ذلك التضخم وساهم في انخفاض قيمة رواتب الأشخاص.