+A
A-

كيف استطاع هذا الرجل إبقاء “كوكا كولا” بالقمة؟

بدأ المدير التنفيذي السابق لشركة “كوكا كولا”، مهتار كينت، العام الجديد بعدة رحلات في جنوب إفريقيا مستخدمًا دراجته الهوائية التي اعتاد قيادتها منذ عامين فقط، وذلك بعدما أسند مهام وظيفته القديمة إلى جيمس كوينسي، وتفرغ لمنصب رئيس مجلس الإدارة، بحسب تقرير لـ”فاينانشيال تايمز”.

كما عاد كينت البالغ من العمر 66 عامًا، إلى ممارسة لعبة الغولف بعدما تخلى عنها بفعل ضغوط ومسؤوليات منصبه السابق كمدير تنفيذي، قائلًا: لقد بدأت بقضاء وقت أكثر في الاعتناء بنفسي وخسرت 16 كيلو جرامًا من وزني، الأمر كله كان يتعلق بتخصيص الوقت، تمامًا كتخصيص رأس المال.

نصيحة وارن بافيت

لا يزال الوقت أحد أكثر الأمور التي تشغل ذهن كينت الذي يستعد للتنحي عن منصب رئيس مجلس الإدارة أيضًا لكوينسي في أبريل المقبل، لينهي عقدًا من الزمان أمضاه في قيادة مجموعة المشروبات البالغة قيمتها نحو 200 مليار دولار.

وكينت المتبقي له عدة أشهر قليلة لإنهاء مسيرة مهنية امتدت لأربعين عامًا داخل “كوكا كولا”، يأمل أن يتذكره الجميع كأحد قادة الشركة الأكثر تركيزًا على النجاح خلال المدى الطويل.

ويقول كينت أتذكر نصيحة المستثمر المخضرم والملياردير الأميركي وارن بافيت، وهو أيضًا أكبر مساهم في “كوكا كولا”، عندما طالبني بحث المديرين على إدارة الأعمال كأصول عائلية لا يمكنهم بيعها لسنوات.

ويضيف كينت وهو رابع رئيس تنفيذي يقود “كوكا كولا” في 10 أعوام فقط: أعتقد أن هذا ما حاولنا القيام به بالفعل، من غير المهم كيف يبدو أداء الشركة التي غادرتها كرئيس التنفيذي، ولكن كيف سيكون الأداء بعد ثلاثة أو أربعة أعوام من مغادرته لموقع القيادة.

عندما أصبح كوينسي رئيسًا تنفيذيًا في 2017، كان سهم “كوكا كولا” متخلفًا عن أداء المنافسين مع تراجع الطلب على المشروبات الغازية السكرية، لكن الأمور تبدلت منذ  أن صاغ كوينسي استراتيجية التنويع السريعة والاستثمار الكبير.

مغامرة لضمان المستقبل

بدءًا من عام 2010 أكد كينت على ضرورة التركيز ليس فقط على الأداء الفصلي ولكن أيضًا على مستقبل الشركة خلال الربع قرن المقبل، وفي نفس العام أبرم صفقة قيمتها 12 مليار دولار للاستحواذ على أصول “كوكا كولا إنتربرايز” في الولايات المتحدة، والمختصة بأعمال التعبئة.

وأشرف بنفسه على إدارة أعمال التعبئة، بجانب شركة “أماتيل” الأسترالية، و”إفس بفرادج جروب” التركية، ويقول إنه كان يدرك آنذاك حاجة نظام التعبئة في الولايات المتحدة للإصلاح لكن تحديد المشكلات لم يكن كافيًا.

وكانت مهمة مستهلكة لرأس المال وقلصت الهوامش إلى حين استطاع كينت إعادة تشكيل أعمال التعبئة بنهاية فترته كرئيس تنفيذي، ويعلق على هذه المغامرة قائلًا: يجب أن تتحلى بالشجاعة الكافية، والرؤية الشخصية طويلة المدى، والقدرة على التحمل للتعامل مع العقبات خلال مرورك من النفق.

ويتابع كينت: أخبرني الجميع أن الأمر مستحيلًا، وبدا بالفعل أصعب مما تخيلته، لكنه تطلب جهدًا أكثر من أي شيء فعلته لتعزيز أعمال المجموعة خلال العقد التالي للصفقة، والآن نرى استثمارات كبيرة في أعمال التعبئة.

ومع تركيز “وول ستريت” بشكل أكبر على الأداء الفصلي، فقد اختبر كينت بهذا النهج صبر المساهمين، وشكل ضغطًا على الأداء خلال المدى القصير، ما اضطره إلى خفض التكاليف وتحويل التركيز إلى قيمة الإيرادات وليس حجم المبيعات.

انتقاء قادة المستقبل

أثناء مناورته في أعمال التعبئة، تعرض كينت للانتقاد، بحجة أنه يركز على علامة “كوك” في الوقت الذي تتراجع فيه مبيعات المشروبات الغازية، لكنه رفض هذه الادعاءات، مشيرًا إلى إضافته ألف علامة تجارية إلى محفظة الشركة.

في الوقت نفسه، كان يتخذ خطوات أخرى لخلق مناخ أكثر صحة على المدى الطويل للشركة، ووضع استراتيجية استدامة لضمان الحفاظ على المياه ورفاهية المستهلك وتمكين المرأة.

ويقول: اعتقد الناس أننا جئنا من المريخ عندما أعلنا عن هذه الرؤية، لكن في الحقيقة، فإن الحفاظ على المياه سيوفر المزيد من الأموال للشركة، وتدريب 5 ملايين رائدة أعمال في الأسواق الناشئة سيخلق لنا جيلًا من تجار التجزئة المخلصين، وهو ما يشكل جزءًا من حلم الشركة العالمية المثالية.

ويرى كينت أن التخطيط للتعاقب الإداري يتطلب اهتمامًا كبيرًا من الرئيس التنفيذي، ويقول: عليك أن تتعرف مبكرًا على الأشخاص الذين تشعر أنهم قادرون على مواصلة المسيرة، وتحتاج بعد ذلك إلى البدء في رسم مسار لهم وإحضارهم إلى اجتماعات مجلس الإدارة باستمرار.

ولم يكن كوينسي الاختيار الوحيد، لكن بعد رحلة اختبار انتقل خلاله من الأرجنتين إلى المكسيك وشمال غرب أوروبا قبل اختياره كمدير للتشغيل، استقر كينت عليه قائلًا إنه تحمّل أعباءً ثقيلة والكثير من التوجيه والتدريب.