+A
A-

سوار: بحرينيات يسافرن لجلب “بلاوي” عالم السحر

عبورًا إلى خفايا “عالم أسود مخيف”، قد لا يصدق العقل أن في البحرين حكايات في حضرة المشعوذات وأهل السحر تذهل الألباب! ولا يقتصر ضحايا ذلك العالم على الجهلة من الناس، بل يقع في شباكه متعلمون يحملون شهادات عليا، لكن، متى وكيف وأين يتحدث الضحايا لتتكشف بضعة أجزاء من تلك الخفايا المذهلة؟

هنا، تدعو الاختصاصية في العلاج النفسي والسلوكي شريفة سوار إلى تكثيف توعية المجتمع، بكل فئاته ضد هذه الأباطيل والخزعبلات من جهة، ومن جهة أخرى، تطالب بتطبيق القانون على هؤلاء المجرمين، وتستند في ذلك على بعض الوقائع التي عايشتها بنفسها، فقد أخبرتها إحدى المتعالجات لديها أنها لجأت إلى مشعوذة من جنسية عربية لتعينها على “ربط قلب زوجها بمحبتها”، فأذابت أمامها قطعة من القصدير “ألمنيوم تغليف الطعام” في إناء به ماء مغلي، ثم نقلته إلى إناء آخر به ماء بارد، ثم أبلغتها أن بهذا العمل فإن قلب زوجها “مربوط تمامًا” بها، فاتفقت معها على أن تذهب برفقتها إلى المشعوذة “للعلم، فإن المشعوذة معها مساعدة بحرينية الجنسية”، والتقت المشعوذة التي قالت لها:”من الآن، قلب زوجك مربوط بك”! فصدمت المشعوذة بإجابتها وقالت لها بأنها مطلقة “منذ 25 سنة!”.

وتلفت سوار إلى أن سيدات بحرينيات يتعالجن عندها وهن من حملة الشهادات العليا وبعضهن لهن مناصب! فإحداهن لديها ماجستير إعلام وأخرى بكالوريوس صيدلة وواحدة لديها بكالوريوس علوم تكنولوجيا ومع الأسف، هذه الفئة المتعلمة تلجأ إلى المشعوذات، فكيف هو الحال بالنسبة لبسطاء الناس والجهلة؟ حتى أن إحداهن كانت حاملًا وعرضت على مشعوذة الاسم الذي اختارته للمولود القادم، بيد أن المشعوذة حذرتها من هذا الاسم فصرفت النظر عنه طائعة.. هل تتخيل مصيبة بهذا الحجم في رؤوس متعلمات؟ واسمح لي أن ألفت نظرك إلى أن هناك مشعوذات بحرينيات يسافرن باستمرار إلى سوريا والأردن وباكستان والهند ويحضرن “بلاوي” من تحضيرات ومواد تستخدم في السحر.

أوهام منحطة

وتوضح أن معظم المشعوذات يخبرن النساء بأن من “عملت السحر أو العمل لهُن هي سيدة قصيرة وسمينة وتلبس نظارات طبية وعباءة”!.. تضحك وتقول: “هذا الوصف ينطبق على أكثر من 80 % من النساء في البحرين”! وحسب تعاملي معهن، فإن الكثيرات منهن شككن في أخواتهن وخالاتهن وتدمرت بعض العلاقات الأسرية، ودعني أقول أن إحدى البحرينيات أبلغتها مشعوذة عربية الجنسية أن شقيقها “ينوي الاعتداء عليها جنسيًّا لرغبته الشديدة فيها لكن لتحمد ربها أن شقيقها عاجز جنسيًّا..أستغفر الله رب العالمين”.. مع أن شقيقها متزوج ولديه أبناء والبنت مخطوبة، لكنها صدقت كلام المشعوذة فكرهت شقيقها كرهًا شديدًا بسبب خزعبلات وخرافات لا صحة لها! وأعطيك قصة زوج بحريني أصيب بمرض جنسي وهو “الثآليل التناسلية”، فقصد مشعوذة آسيوية الجنسية فأبلغته بأن زوجته هي من نقلت إليه المرض فشك في زوجته وطلقها، وتبين أن هذا الزوج صاحب علاقات غير شرعية مع الآسيويات تحديدًا.

المارد يغوص الليلة...

وتختم الدكتورة شريفة بقصة “كارثية”! فقد دفعت إحدى البحرينيات – تحمل درجة الماجستير - على مدى 25 سنة ما يقارب من 100 ألف دينار لفك سحر اضطراب علاقتها بزوجها، وزارت الكثير من المشعوذات ومنهن فلبينيات وهنود وباكستانيين وأثيوبيين، إلى درجة أن حياتها تدمرت وتطلقت من زوجتها ومع ذلك ذهبت إلى إحدى المشعوذات فأخبرتها بأن شقيقتها هي السبب في “تخريب علاقتها بزوجها”، فقد دفنت على عمق 40 قدمًا تحت منزلها سحرًا أثناء بناء المنزل، وأن “المارد الذي يعمل لدى المشعوذة سيأتي لها الليلة لتكلفه بالنزول إلى ذلك العمق غوصًا لإزالة السحر”، فقلت لها – والكلام لسوار – كيف ذلك يا حبيبتي وأنت وزوجك لم تبنيا المنزل بل اشتريتماه جاهزًا؟ النتيجة، وبسبب هذا الجهل من إنسانة متعلمة، ها هي اليوم مطلقة وحياتها لا تطاق.

 

العقوبات وفق القانون

تنص “المادة 310 مكرر” من قانون العقوبات البحريني على أنه: “يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من زاول على سبيل الاحتراف والتكسب أيًّا من أعمال السحر أو الشعوذة أو العرافة، ويعد من هذه الأعمال الإتيان بأفعال أو التلفظ بأقوال أو استخدام وسائل القصد منها إيهام المجني عليه بالقدرة على إخباره عن المغيبات أو إخباره عما في الضمير أو تحقيق حاجة أو رغبة أو نفع أو ضرر بالمخالفة للثوابت العلمية والشرعية”. ومنذ العام 2007، سعى مجلس النواب، من خلال لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني، لاقتراح قانون جديد يستهدف إضافة مادة جديدة إلى قانون العقوبات لتجريم ممارسة السحر والشعوذة.

وجاء في المذكرة الإيضاحية المرفقة بالاقتراح بقانون أن الدجل وممارسة السحر والشعوذة والعرافة وما يسمى بتحضير الأرواح ومناجاتها وما يدور في دائرتها تشكل جرائم مستقلة، وليس هناك ما يدعو لاعتبارها نوعًا من أنواع الاحتيال أو أنها ضرب من ضروبه كما يذهب قانون العقوبات والتطبيق في المحاكم، وضرورة أن يتضمن قانون العقوبات نصًّا خاصًّا يجرم هذا الفعل ويقرّر العقوبة لهذه الجرائم، وضرورة أن يلتفت القانون والمشرع إليها بسبب تفاقم وتزايد تلك الجرائم في البلاد، إذ إن العقوبة المقررة فيها لا تتناسب البتة مع جسامة النتائج التي تتمخض عن ممارسة هذه الأفعال.