+A
A-

ناجي العلي... ريشة صمدت 3 عقود

مرت منذ يوم الذكرى الحادية والثلاثون على رحيل رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، الذي اغتيل دون الوصول إلى قاتله.

يعرف الجميع ناجي العلي بالشخصية الكاريكاتيرية “حنظلة” والتي تلازم جميع رسوماته التي جسدها في صورة طفل صغير اسمه “حنظلة” مكبل اليدين من الخلف، يشير به إلى الضعف والهزيمة الذين لحقا به بسبب وجود الإسرائيليين على أراضيه، وقدمها الفنان الراحل لأول مرة على صفحات “السياسة” الكويتية يوم 13 أغسطس 1969، والتي قالت وقتها في بيان إن حنظلة ولد في 5 يونيو 1967، وإنه عربي ولا جنسية محددة له، أصبح حنظلة فيما بعد بمثابة توقيع ناجي العلي على لوحاته، وحظيت بحب الجماهير العربية لكونها تعبيرًا عن صمود الشعب الفلسطيني بوجه المصاعب التي تواجهه.

كما كانت هناك شخصية كاريكاتيرية أخرى يستعين بها ناجي العلي كثيرا لكي تصل أفكاره، وهي “فاطمة” التي تمثل المرأة الفلسطينية القوية التي لا تهزم.

ولد رسام الكاريكاتير الفلسطيني، ناجي سليم حسين العلي العام 1937 في قرية الشجرة في فلسطين، وبعد دخول جيش الاحتلال الإسرائيلي إليها تهجر مع أهله إلى جنوب لبنان حيث عاشوا في مخيم عين الحلوة.

وبعد إنهاء دراسته هاجر إلى الكويت والتحق بعدد من الصحف الكويتية كرسام كاريكاتير، قبل أن يعود إلى صحيفة السفير اللبنانية، لكنه التحق مجددًا في العام 1982 بجريدة القبس الكويتية، لتكون آخر محطاته قبل المغادرة إلى لندن.

وجهت أصابع الاتهام باغتيال العلي مباشرة إلى الموساد الإسرائيلي، وثانيًا إلى منظمة التحرير الفلسطينية، لأنه رسم بعض اللوحات التي تمس قياداتها، وإلى بعض الأنظمة العربية للسبب ذاته.

في 22 يوليو 1987 في لندن أطلق شاب مجهول النار عليه ووفق ما أسفرت عنه التحقيقات البريطانية أن الشاب يدعى بشار سمارة وأصابت الرصاصة ناجي تحت عينه اليمنى وظل في غيبوبة حتى فاضت روحه في مثل هذا اليوم 29 أغسطس 1987 ودُفن في مقبرة بروك وود الإسلامية في لندن، وللفنان نور الشريف فيلم يجسد سيرة ناجي العلى، ولم يعرف من صاحب المصلحة وراء الاغتيال.

وقاوم العلى باللوحة والكلمة كل أشكال الهيمنة والاستبداد والظلم في منطقتنا والعالم. فهو القائل “يا وطني كل العصافير لها منازل إلا العصافير التي تحترف الحرية، فهي تموت خارج الأوطان” كلمات خالدة لرسام الكاريكاتير الفذ ناجي العلي.

وقال: “الطريق إلى فلسطين ليست بالبعيدة ولا بالقريبة، إنها بمسافة الثورة”، وكان في كل رسوماته، ناطقًا ثوريًا شعبيًا عن المضطهدين في وطننا العربي والعالم، واعتقد القتلة - من قرر وخطط ونفذ - بمختلف تسمياتهم، أن موت ناجي سينهي وجوده. لكن “حنظله”، الشاهد الحي، مازال في وجدان وضمير كل مناضل وإنسان يتوق للحرية، فقد سقط الجسد لكن الفكرة باقية كما قال الراحل غسان كنفاني، الذي كان أول من نشر للعلي رسوماته.