+A
A-

النائب الأسبق أبوصندل: “الشورى” رسب بامتحان “التقاعد” وأصبح “مصدًّا” للتشريع

أشار النائب الأسبق إبراهيم بوصندل إلى أن مجلس الشورى عزّر لأكثر من مرة منذ تأسيسه وفي أكثر من مناسبة “بعدم اعتداده بالتوجهات والرغبات الشعبية، وبتعاليه على مقترحات أو قرارات المجلس المنتخب، الانطباع بأنه أقرب لأن يكون متراسا أكثر منه معينا على إنضاج التشريع”.

وقال: في مناسبات عديدة بدا مجلس الشورى في إصراره كمن لا يتحدى مجلس النواب فحسب؛ بل كمن يتحدى الشعب برمته.

ورأى أن المجلس رسب بالامتحان عند إحالة مشروع قانون إصلاح التقاعد المدني والعسكري. وفيما يأتي أبرز ما تضمنه مقال أبو صندل الذي تنشره “البلاد”:

هل يتحدى؟

هل يتحدى مجلس الشورى الشعب؟ ولو فعل ذلك؛ فما تبعات موقفه على البحرين؟ وفيما يلي بعض التفصيل:

إبّان الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني وقع خلاف واختلاف بخصوص طبيعة مجلس الشورى.

وكان قد ورد في “استشرافات المستقبل” من الميثاق: “وذلك باستحداث نظام المجلسين، بحيث يكون الأول مجلسا منتخبا انتخابا حرا مباشرا يختار المواطنون نوابهم فيه ويتولى المهام التشريعية، إلى جانب مجلس معين يضم أصحاب الخبرة والاختصاص للاستعانة بآرائهم فيما تتطلبه الشورى من علم وتجربة”.

منبع الخلاف هو أن مجلس الشورى تم تأسيسه بذات العدد ومنح ذات الحقوق التشريعية للمجلس المنتخب، بل وكان له رئاسة المجلس الوطني في حالة اجتماع المجلسين حتى تم تعديل ذلك العام 2012 فيما أذكر.

احتج البعض وشكك آخرون في جدوى العملية الإصلاحية برمتها كونها بدأت بهذا السلوك الذي همشّ المجلس المنتخب (في وجهة نظرهم)، وقاطع البعض انتخابات الفصل التشريعي الأول، مع ذلك فقد رأى فريق من الجمعيات السياسية والمستقلين أن تمنح التجربة فرصتها.

قمة الحذر

من هنا كان على الدولة ومجلس الشورى أن يكونوا في قمة الحذر أثناء ممارسة مهام التشريع، وأن يراقبوا ويتعاهدوا العلاقة بين المجلسين ويبتعدوا عن تعزيز انطباع استخدام مجلس الشورى كمصد تشريعي.

كانت الحكمة تقتضي احترام توجهات المجلس المنتخب وعموم الشعب، خصوصا في الأمور المجمع عليها، لكن أغلب ممارسات الشورى - للأسف - لم تتسم بالحذر المطلوب والحكمة المنشودة.

لقد عزّز مجلس الشورى منذ تأسيسه وفي أكثر من مناسبة بعدم اعتداده بالتوجهات والرغبات الشعبية، وبتعاليه على مقترحات أو قرارات المجلس المنتخب، الانطباع بأنه أقرب لأن يكون “متراسا” أكثر منه معينا على إنضاج التشريع.

وفي مناسبات عديدة بدا مجلس الشورى في إصراره كمن لا يتحدى مجلس النواب فحسب؛ بل كمن يتحدى الشعب برمته.

 

أهل الغلو

علينا أن نعلم أن المشروع الإصلاحي كله يتعرض للامتحان بشكل متكرر، وأن الشعب البحريني بكل مكوناته ينظر ويترقب نتيجة هذه الامتحانات.

إن إحدى أهم النتائج المترقبة هي مدى قدرة المشروع الإصلاحي إحداث تغييرات إيجابية فعلية ومaحسوسة وخلال فترة زمنية معقولة، والناس تريد إنتاجا حقيقيا، سواء من جهة أسلمة القوانين وتعديلها لتطابق الشريعة الإسلامية، تحسين مستوى المعيشة، أو التصدي للفساد على شتى أصعدته وفضحه والقضاء عليه أو تقليله، وإعلاء صوت القانون، وتدعيم مؤسساته، وتحسين توزيع الثروة وإعطاء كل ذي حق حقه ومستحقه.

وعبر ما يتمخض من نتائج وحدها يتأتى الإقناع بجدوى المشاركة الشعبية، وقطع الطريق على أهل الغلو والخروج والدمار والشقاق والتصادم.

لا نذيع سرا إن قلنا إن أهم سمات المشروع الإصلاحي كان “المجلس النيابي”، ولهذا فإن مجلس الشورى (فكرة وتطبيقا) يعد من أصعب أجزاء الامتحان. فالمجلس كان محل خلاف منذ البدء، في حين يحاول المشروع إثبات أنه ضرورة للتجربة، وأنه يقوم بإثراء المشاريع وإنضاج القوانين.

انحدار المستوى

ومع ذلك فهنا وقفة وتساؤل: لماذا أصبح الانطباع هو السائد لدى الخاصة والعامة بأن الشورى سيفعل ما يملى عليه (مع الاحترام لكل أعضائه) وإن كان خلاف المصلحة التشريعية وعكس الرغبة الشعبية!

كتبت من قبل في هذا المعنى، وأعيد الكلام بمناسبة إحالة مشروع التقاعد الجديد الذي رفضه الشعب بالإجماع، وعكس مجلس النواب ذلك الرفض الشعبي برفضه للمشروع بالإجماع أيضا.

إنه امتحان صعب وتاريخي للفكرة وللمبدأ وللتطبيق العملي لمجلس الشورى، فهل نجح أم رسب؟ هل أكرم أم أهان؟ بل قد يصل الأمر على مستوى أن يكون أو لا يكون في وجدان الشعب البحريني، ويكون (بالإضافة إلى انحدار مستوى مجلس النواب) من أكبر أسباب العزوف عن المشروع.