+A
A-

“الاستئناف الشرعية” تلغي حكمًا يلزم سيدة بالعودة لمسكن زوجها

أفادت المحامية ابتسام الصباغ أن محكمة الاستئناف العليا الشرعية (الدائرة الجعفرية) ألغت حكمًا مستأنفًا كان يأمر سيدةً (34 عامًا) بالعودة إلى منزل زوجها (41 عامًا)، والذي ثبت اعتداؤه عليها في وقت سابق وصدر بحقه حكم جنائي، كما اتهمها زوجها سابقًا أمام أصدقائه وأقربائه بأنها مريضة نفسيًا وتتهيأ أمورًا لم تحصل فضلًا عن ادعائه أنها سرقت منه مبلغًا وقدره 40 ألف دينار على دفعات، إذ اعتبرت المحكمة أن تلك الأفعال ضرر ولا يمكن معه أن يسكن الزوجان بمكان واحد.

من جهتها قالت محكمة الاستئناف الشرعية في حيثيات حكمها بأن المقرر شرعًا وقانونًا أن الزوجة إنما تلزَم بالبقاء في منزل الزوجية أو الرجوع إليه إن كانت خارجةً منه، إذا لم يلزم ذلك الإضرار بها أو يشكل عسرًا وحرجًا عليها، وحيث إن الراجع في وجدانها - خلافًا لمحكمة أول درجة - واطمأنت إليه من مجموع ما قدم من مستندات ومنها أقوال شهود المستأنفة والحكم الجنائي المرفق، ودفاع وكيله المستأنفة وردودها بأن موكلتها حصل لها ضرر من قبل المستأنف ضده مما يسوغ لها الامتناع من مساكنته.

وأوضحت أن محكمة أول درجة لم تنظر إلى الأدلة مجتمعة لتكوين عقيدتها، ولا ينال من ذلك ما دفع به المستأنف ضده من إنكاره ذلك، بعد أن تمت الدلالة عليه، ولا يقدح في ذلك شهادة شهود النفي المكونين من رجل وامرأة ولا تشكل غيرها أدلة نافية، لما ثبت للمحكمة من تضرر المستأنفة من مساكنته، ولم يثبت للمحكمة ما يضمن عدم تكرار ما حصل لها من أذى من تعهد بعدم التكرار، وعليه فإن المحكمة تلغي حكم محكمة أول درجة وتقضي برفض دعوى المستأنف ضده.

وأشارت الصباغ إلى أن زوج موكلتها كان قد رفع دعوى ابتدائية يطالب فيها بإلزام المستأنفة بالعودة إلى منزل الزوجية على سندٍ من ادعائه أنها خرجت من المنزل دون مبرر شرعي، وأثبتت عبر شهود عدة للمحكمة أنه رجل غير أمين عليها، كما أنه شاع بين الناس من أهله وأقربائه وأصدقائه أنها سرقت منه ما مجموعه 40 ألف دينار عندما كانا يعيشان خارج البلاد لأكثر من 10 سنوات، كما ادعى أنها مريضة نفسيًا.

وقدمت المحامية للمحكمة تقريرًا طبيًا وحكمًا جنائيًا، يفيد إدانة الزوج بالاعتداء على زوجته.

لكن ورغم تلك الإثباتات فقد قضت محكمة أول درجة في العام 2015 بإلزام الزوجة بالعودة مع المدعي إلى منزل الزوجية، وهو الأمر الذي لم يلق قبولًا لدى المستأنفة.

وعلى إثر ذلك طعنت الصباغ على هذا الحكم ودفعت بفساد الحكم في الاستدلال ومخالفته للثابت في الأوراق.

ولفتت إلى أنه جاء في حكم محكمة أول درجة أن المستأنفة لم تثبت مشروعية خروجها من منزل الزوجية، بأن أقوال الشاهدين الذَين قدمتهما “لا ترقى إلى درجة بأنها لا تأمن على نفسها منه إذا رجعت لمنزل الزوجية”؛ لأن أقوال الشاهد الثاني جاءت سماعية، باعتباره يستند على أقوال غيره؛ ولأن كلًا من التقرير الطبي عن الإصابات في جسم المستأنفة والحكم الجنائي الصادر ضد المستأنف ضده والبلاغات المقدمة ضده غير معول عليها عند المحكمة، ورأت محكمة أول درجة بأنها لا تعد مسوغًا تامًا تركن إليه في قضائها على عدم أمانته عليها.

وأضافت المحامية أن هذا التسبيب هو استدلال فاسد ومخالف لما ثبت في أوراق الدعوى ومستنداتها؛ كون أن شهود المستأنفة أكدوا درايتهم بحال المستأنفة وعلمهم بأحوالها، فجاءت شهاداتهم حسية لا سماعية من خلال معرفتهم بحال المستأنفة.

وجاء في شهادة شقيق المستأنفة أنه كان يشاهد تلك المواقف بنفسه ويسمعها، إذ إن المستأنف ضده دائمًا ما يتطاول على شقيقته، ويهددها بالقتل، وأنه حضر ذات مرةٍ لمنزل والد المستأنفة وأمام مسمع الجميع قال “أخرجوها... لا اقتلها وأدوس في بطنها” وأن هذه الحادثة لم تكن الوحيدة.

كما قرر شقيق المستأنفة أن زوجها وبعد تغربهما خارج البلاد معًا لأكثر من 10 سنوات، اتهمها بأنها وأثناء وجودهما خارج البلاد سرقت منه مبالغ مالية متفرقة ادعى أنه وصل مجموعها إلى 40 ألف دينار، وأنه لم يتوقف عند هذا الحد بل التشهير بها أمام العامة والأهل والأصدقاء، مما تسبب في وضع شقيقته بموضع الشك والريبة من قبل الآخرين دون دليل.

وقال أيضًا شاهد ثانٍ إنه سمع من المستأنف ضده اتهامه للمستأنفة أنها مريضة نفسيًا، وأن بها عُقدا وتتهيأ أمورًا، أي أن الشاهد سمع واقعة الاتهام حسيًا ممن صدر عنه الاتهام.

فضلًا عن ذلك دفعت المحامية بأنه حتى شهود النفي الذين جلبهم الزوج للشهادة أمام المحكمة ساندوا أقوال شهود الإثبات فيما يتعلق بواقعة السرقة التي أخبرهم بها الزوج المستأنف ضده.

وبينت الصباغ أن اتهام المستأنف ضده للمستأنفة، والطعن في أخلاقها والتشهير بها أمام الناس، يتناقض مع الحكمة من الزواج القائم على المودة والمحبة والإخلاص، إلا أن المستأنف ضده حط من كرامة المستأنفة وأن اتهامه له بالسرقة والأمراض النفسية والتشهير بذلك للناس يعتبر إساءةً بالغة لا يستطاع معه العِشرة بالمعروف ويصبح بقاء المستأنفة في بيت واحد مع المستأنف ضده إضرارًا بها، ناهيك عن أنه لم يتوار عن أحد الاتهامات حتى في ساحات المحاكم فقد رفع أكثر من دعوى وقدم أكثر من مذكرة وذكر فيها هذا الاتهام.