+A
A-

التضخم الضعيف لغز يحيّر العالم! - تقرير -

 كشف مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) عن نيته تقليص حيازته من السندات، وقال إنه سيبدأ عملية تستمر 5 سنوات لتقليص محفظة أصوله البالغة قيمتها 4.5 تريليونات دولار.

ومعظم تلك الأصول جرى تجميعها لتشجيع الاستثمار والنمو في أعقاب الأزمة المالية العالمية في الفترة من عام 2007 إلى عام 2009 وما صاحبها من ركود.

وكان هذا الإعلان متوقعاً كما أنه متوافق مع خطة جرى نشرها في يونيو تضع عدداً من القيود الشهرية التي ستزيد بمرور الوقت.

وبحسب الخطة، سيبدأ المجلس بتقليص الأصول بمقدار عشرة مليارات دولار شهرياً على أن يرتفع السقف كل ثلاثة أشهر حتى يصل إلى 50 مليار دولار شهرياً.

ومن المفترض أن يخفض ذلك حجم السندات بواقع 300 مليار دولار خلال أول 12 شهراً وبواقع 500 مليار دولار في السنة التالية وفق توقعات محللين. وتوقع مسؤولون في المجلس انكماش المحفظة بالكامل إلى ما يتراوح بين 2.5 و3.5 تريليونات دولار بحلول أوائل العقد المقبل وإن كانوا أكدوا عدم الحاجة لتحديد أي وقت قريباً.

وأبقى البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة دون تغيير، لكنه لمح إلى أنه ما زال يتوقع زيادة جديدة بحلول نهاية العام على أقصى تقدير على الرغم من انخفاض مستوى التضخم.

وفي تقريره بشأن السياسة النقدية، ذكر المجلس انخفاض معدل البطالة ونمو الاستثمار في الأنشطة التجارية إلى جانب النمو الاقتصادي الذي ظل مستداماً هذا العام، وإن كان متواضعاً، كمبررات لقراره.

وأضاف: ان المخاطر في الأجل القريب ما زالت متوازنة تقريبا لكنه أشار إلى أنه يتابع التضخم عن كثب. وقالت رئيسة المجلس جانيت يلين خلال مؤتمر صحافي بعد نهاية اجتماع لجنة السياسة النقدية الذي استمر ليومين إن انخفاض التضخم هذا العام ما زال يشكل لغزاً.

وأضافت أن البنك المركزي على استعداد لتغيير توقعاته لأسعار الفائدة إذا لزم الأمر.

وعلقت: ما نحن بحاجة لمعرفته هو ما إذا كانت العوامل التي أدت إلى هبوط التضخم من المرجح أن تثبت استمراريتها، مضيفة أنه إذا حدث ذلك سيطلب الأمر تعديل السياسة النقدية. ويمر الاقتصاد العالمي بفترة من التوسع المعتدل منذ صيف 2016، مع تسارع معدل النمو بشكل تدريجي، لم يرتفع التضخم في الاقتصادات المتقدمة، الأمر المثير للتساؤل، بحسب تقرير لـ الغارديان .

في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وغيرها من الاقتصادات المتقدمة، كان تسارع النمو الأخير مدفوعا بزيادة الطلب الكلي، نتيجة السياسات النقدية والمالية التوسعية المتواصلة، فضلا عن ارتفاع ثقة الشركات والمستهلكين.

وتعود هذه الثقة إلى انخفاض المخاطر المالية والاقتصادية، إلى جانب احتواء المخاطر الجيوسياسية التي لم تكن لها إلى الآن سوى آثار محدودة على الاقتصادات والأسواق.

ويعني الطلب القوي ركودا أقل في أسواق العمل والمنتجات، لذا يتوقع أن يؤدي تسارع النمو في هذه الاقتصادات المتقدمة إلى تزايد التضخم، لكنه على العكس تراجع في الولايات المتحدة، وظل ضعيفا في أوروبا واليابان.

ويخلق ذلك معضلة للبنوك المركزية الرئيسية التي تحاول حاليا التخلي التدريجي عن السياسات النقدية غير التقليدية، فقد تمكنت من رفع معدلات النمو، لكنها لم تصل بعد إلى التضخم المستهدف المتمثل في معدل سنوي 2 %. ومن بين التفسيرات المحتملة لهذه الظاهرة الغامضة التي تجمع بين النمو القوي والتضخم المنخفض، أن مع قوة الطلب الإجمالي تعاني الاقتصادات المتقدمة من صدمات إيجابية في جانب العرض. حافظت العولمة على تدفق السلع والخدمات الرخيصة من الصين وغيرها من الأسواق الناشئة، وتسبب ضعف القدرة التفاوضية للنقابات والعمال في هبوط منحنى فيليبس (لمعرفة العلاقة بين البطالة والتضخم).

إذا لم يصب صناع السياسات في افتراض أن صدمات العرض الإيجابية المؤثرة في التضخم مؤقتة، فإن إعادة السياسة لطبيعتها سيكون نهجا خاطئا وينبغي مواصلة السياسات غير التقليدية لفترة أطول.

ولكن إذا كانت الصدمات دائمة أو مستمرة لمدة أطول من المتوقع، يجب متابعة سياسة العودة للظروف الطبيعية بسرعة أكبر، بعدما أصبح هناك مناخ طبيعي جديد بسبب ضعف التضخم. ويتبنى بنك التسويات الدولية هذا الرأي، ويقول إن الوقت قد حان لخفض معدل التضخم المستهدف من 2 % إلى صفر %، وهو المعدل المتوقع نظرا لصدمات العرض الدائمة.

ويرى البنك أن محاولات تحقيق معدل تضخم 2 % في ظل هذه الصدمات، سيؤدي إلى سياسات نقدية سهلة للغاية.