رغم إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب توقف المواجهات العسكرية الإسرائيلية – الإيرانية، وذلك عبر جهود للتهدئة قادتها الولايات المتحدة الأميركية وبمشاركة دولة قطر، إلا أن الضربة العسكرية الإسرائيلية على أهداف إيرانية خلقت حالة من التوتر الإقليمي، وشكلت بيئة خصبة لإعادة إنتاج الشائعات والأخبار الكاذبة، والترويج لسرديات متنوعة، تختلف حسب الفئة التي تقف وراءها، والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، سواء من مناصري إسرائيل أو مؤيدي إيران أو جهات رأت فيما يجري فرصة لإعادة التموضع والتأثير على الرأي العام وإعادة توجيهه!
شخصيًّا، لاحظت تصاعد خطاب يعيد الترويج لفيديوهات قديمة، ومواقف سياسية سابقة جاءت حينها ضمن سياق العلاقات المتوترة بين بعض دول الخليج العربي وإيران، وهو خطاب كانت له أسبابه ومحدداته السياسية والأمنية، إلا أن التطورات التالية تجاوزته، خصوصًا بعد توقيع “اتفاق بكين” بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، برعاية صينية، والذي نص على ضرورة احترام الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ما يعني أن هناك مسارًا تصحيحيًّا للعلاقات بدأ في التشكل، وأن الحوار الصريح بات الوسيلة المثلى لحل الخلافات، دون أن يعني ذلك تطابقًا تامًّا في السياسات بين الرياض والعواصم الخليجية من جهة وطهران من جهة أخرى، إنما جعلها في إطارٍ دبلوماسي محدد.
استعادة فيديوهات قديمة، سواء مادحة أو ناقدة لدول الخليج وإيران، تزامن مع تنامي بعض الكتابات المذهبية والعنصرية في شبكات التواصل الاجتماعي، والتي تثير حساسيات طائفية وعرقية، وكان الهدف منها إحداث أجواء سلبية، تدفع نحو سجالات مذهبية، المنطقة في غنى عنها خلال هذه المرحلة الحرجة! إن التنبه لهذه الخطابات المضللة التي تنشط في شبكات التواصل الاجتماعي، أمرٌ مهمٌ، لتأثيرها على السلم الأهلي، ولما تحدثه من تصدعات في الصف الوطني، ولأنها أيضًا تسعى لإضعاف ارتباط المجتمعات الخليجية بحكوماتها، والتشكيك في مواقفها السياسية، وهي المواقف التي اتخذت بناء على ما يخدم المصالح الوطنية ويحميها من الآثار السلبية للحروب والأزمات.