تلعب الأدوية دورًا محورياً في الرعاية الصحية الحديثة، حيث تستخدم في علاج ومنع الأمراض، بل وفي تشخيصها أحياناً. ومع ذلك، يأتي الوقت الذي يصبح فيه “التخلص من الأدوية” ملحّاً إما لانتهاء دورة العلاج التي من أجلها تم البدء بالدواء أو لانتهاء صلاحيته، لكن ربما تبدو هذه العملية معقدة لدى البعض، وينبع ذلك من الرغبة في اتباع نهج أكثر سلامة، على الرغم من أن ذلك يكون مشوباً بمعرفة محدودة في هذا الشأن، ومما يزيد تعقيد الموضوع أن بعض الأدوية ربما تؤثر تأثيراً سلبياً إذا وصلت إلى أيد لا تدرك عواقبها، لذلك يجب تجنب التخلص من الأدوية بعشوائية وطلب المعلومات اللازمة حول ذلك.

للتخلص الآمن من الأدوية التي انتهت مدة صلاحيتها أو تلك التي انتفت الحاجة إليها لأي سبب كان، ننصح المرضى بالاستفسار من الصيدليات المحلية أو البحث عبر الإنترنت عن برامج “استرجاع الأدوية” في مناطقهم، حيث تقوم السلطات الصحية في بعض الدول بوضع هذه البرامج أو ما يشبهها لمساعدة الجمهور في التخلص الآمن من الأدوية عبر وضع صناديق لذلك في الأماكن العامة. حسب علمي لا توجد برامج من هذا القبيل في مملكة البحرين حتى اليوم، وإن كنا نسمع بين فينة وأخرى عن حملات لجمع الأدوية من المنازل تقوم بتنظيمها بعض الجمعيات أو الصناديق الخيرية في القرى والمدن. وهنا أغتنم الفرصة لحث وزارة الصحة في مملكتنا الغالية على البدء بوضع برامج استرجاع للأدوية، وذلك عبر وضع صناديق في المراكز الصحية وبالخصوص قرب الصيدليات فيها، وتشجيع المرضى على وضع الأدوية التي انتهت حاجتهم لها في هذه الصناديق، ولا يخفى ما لهذه العملية من فوائد لسنا في وارد ذكرها هنا.

إذا لم يكن برنامج استرجاع الأدوية متاحاً في منطقتك، يمكنك التخلص من معظم الأدوية في سلة المهملات باتباع الخطوات التالية لضمان سلامتك وسلامة من حولك: أولا قم بإخراج الأدوية من عبواتها الأصلية لمنع التعرف عليها بسهولة، ثم اخلط الأدوية بمادة غير مستساغة مثل القهوة المطحونة المستعملة، أو فضلات القطط، أو التراب، ولا داعي لسحق الأقراص أو الكبسولات. بعد ذلك قم بوضع الخليط السابق في كيس بلاستيكي محكم الإغلاق، وذلك لمنع تسرب الأدوية وجعلها أقل جاذبية للأطفال والحيوانات الأليفة، ومن ثم ضع الكيس في سلة المهملات العادية.

وفي حالات نادرة ولبعض الأدوية من الممكن التخلص منها عن طريق رميها في المرحاض، وفي هذه الحالة عادة ما تتم التوصية بذلك عبر ذكره على الملصق أو في النشرة الداخلية للدواء، وهذا الخيار مخصص للأدوية التي قد تشكل خطرًا كبيرًا إذا تم تناولها عن طريق الخطأ (مثل المسكنات الأفيونية كالمورفين والكوديين) وتلك التي لا يوجد خيار آخر للتخلص منها. نكرر أن هذا الخيار مخصص لبعض الأدوية النادرة، لذلك لا تقم أبدًا بإلقاء الأدوية في المرحاض أو الحوض إلا إذا تم ذكر ذلك، فهذا يمكن أن يؤدي إلى تلوث المياه. ونشدد، إذا كنت غير متأكد من كيفية التخلص من دواء معين، فاسأل الصيدلي للحصول على إرشادات.

وفي سبيل تعامل آمن مع الأدوية هناك نصائح مهمة يجب على المرضى مراعاتها: يجب إزالة جميع المعلومات الشخصية من عبوات الأدوية قبل التخلص منها لحماية الخصوصية، ومن اللازم كذلك الاحتفاظ بالأدوية بعيدًا عن متناول الأطفال والحيوانات الأليفة حتى يتم التخلص منها بشكل صحيح، وعدم إعطاء الأدوية غير المستخدمة أو منتهية الصلاحية لشخص آخر، كما يجب تجنب تكديس الأدوية وعدم شرائها أو صرفها من الصيدلية إلا عند الحاجة.

الطموح للتخلص الآمن من الأدوية طموح مشروع، لكنه يتطلب نهجًا تعاونيًا ومستنيرًا للغاية. إنه يستلزم تواصلًا مفتوحًا بين المريض وفريق الرعاية الصحية الخاص به، بما في ذلك الأطباء والصيادلة.

*أكاديمي وعضو مؤسس بجمعية الصيادلة البحرينية