العدد 6077
الأربعاء 04 يونيو 2025
banner
الصحراء المغربية.. حين تتقاطع الحكمة البحرينية مع الموقف البريطاني
الأربعاء 04 يونيو 2025


في خطوة دبلوماسية غير مسبوقة استجابةً للتحولات الإقليمية والدولية، أعلنت المملكة المتحدة دعمها الرسمي والواضح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، التي قُدمت سنة 2007. ووصفت بريطانيا هذه المبادرة بأنها “الأساس الأكثر مصداقية وواقعية وبراغماتية” لإنهاء النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. هذه الخطوة ليست رمزية فحسب، بل تعكس فهماً عميقاً لواقعية المقترح المغربي، والحاجة الملحّة لوضع حد لمعاناة طال أمدها كانت سبباً في زعزعة استقرار شمال إفريقيا.

وتكمن أهمية هذا التحول في كونه صادراً عن عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ما يُكسبه أبعادًا سياسية واقتصادية وأمنية. إذ لم تكتفِ المملكة المتحدة بالتأييد السياسي، بل أعلنت استعدادها لدعم مشاريع تنموية في الأقاليم الجنوبية المغربية، في إطار تعهّدها بضخ استثمارات تصل إلى 5 مليارات جنيه إسترليني في مختلف أنحاء المغرب. هذا الربط بين التسوية السياسية والتنمية الاقتصادية يعكس فهماً استراتيجياً بأن السلام المستدام لا يتحقق إلا عبر منافع ملموسة للسكان وتعزيز الاندماج الإقليمي.

ويمثل الموقف البريطاني دفعة قوية للزخم الدولي المتنامي خلف المقترح المغربي، الذي يقوده برؤية وحكمة جلالة الملك محمد السادس. وبذلك تنضم بريطانيا إلى قائمة متزايدة من الدول المؤثرة، مثل الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا، التي أعلنت تأييدها العلني للمبادرة المغربية. هذا التوافق المتنامي يؤكد أن المبادرة المغربية ليست فقط ممكنة، بل أصبحت المسار الأكثر واقعية ووجاهة للحل.

الدعم البريطاني ليس فنياً ولا رمزياً، بل هو موقف سياسي فاعل يندرج ضمن رؤية أشمل تهدف إلى تعزيز الاستقرار والازدهار في منطقة تعاني من فراغات سياسية وهواجس أمنية. إن حل هذا النزاع المفتعل من شأنه أن يفتح آفاقاً جديدة من التعاون في المغرب العربي وشمال إفريقيا، ويتيح فرصاً للاندماج الاقتصادي وإحياء مشاريع إقليمية ظلت عالقة بسبب الخلافات.

وهنا لا بد من استحضار موقف مملكة البحرين بثناء وامتنان كبيرين، تحت القيادة الرشيدة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفه المعظم والتي وقفت بثبات إلى جانب المغرب منذ البداية، مؤكدة دعمها الكامل لسيادة المغرب على صحرائه. هذا الموقف يجسد عمق العلاقات التاريخية والأخوة العربية الصادقة بين البلدين، ويعكس حكمة بحرينية لطالما كانت صوت العقل والإنصاف بين الدول العربية.

إن ما نشهده اليوم ليس مجرد تغيير في المواقف الدبلوماسية، بل هو ترسيخ لوعي دولي جديد بأهمية حل قضية الصحراء في إطار السيادة المغربية، عبر حل سياسي واقعي وعملي يُرضي كافة الأطراف. لقد حان الوقت لوضع حد لحالة الجمود والانطلاق نحو فصل جديد من التعاون والرخاء، يجعل من المغرب العربي منطقة انسجام وتنمية، بدلاً من أن يبقى رهينة صراعات تجاوزها الزمن.

إنها لحظة تاريخية.. لحظة ينتصر فيها صوت الحكمة، ويعلو فيها نداء السلام والشرعية، وتبرز فيها مبادرة الحكم الذاتي كمقترح ناضج وموثوق، يستحق أن يقود مستقبل شمال إفريقيا نحو الأفضل.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .