العدد 6074
الأحد 01 يونيو 2025
banner
بين الحكمة والتأثير.. البحرين نحو مجلس الأمن
الأحد 01 يونيو 2025

“السلام لا يعني غياب الصراعات، بل القدرة على التعامل معها بوسائل سلمية”، تختصر هذه الكلمات القوية للراحل نيلسون مانديلا الفلسفة التي تقوم عليها رؤية مملكة البحرين في تفاعلها مع العالم، والتي تتجلى اليوم في ترشحها لنيل عضوية غير دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للفترة 2026 – 2027. لا تخوض البحرين هذا المسار الدولي بدافع المجاملة أو الطموح المجرد، بل من منطلق إيمان راسخ بأن السلام والاستقرار مسؤولية جماعية. فالمملكة لا تقدم نفسها كمرشح فحسب، بل كصوت لهذه المنطقة، يعبّر عن تطلعات شعوبها في عالم يتغير بسرعة وتزداد فيه التحديات تعقيدًا.
وتقف الدبلوماسية البحرينية اليوم على أرضية صلبة، تستند إلى سجل مشرف في دعم الحلول السلمية، واحترام القانون الدولي، وترسيخ ثقافة الحوار والاعتدال. وقد تميزت سياسة المملكة الخارجية على الدوام بالتوازن والحكمة، وهما سمتان نادرتان في مجتمع دولي بات يعاني من الاستقطاب والاضطرابات. ويُحسب للبعثة الدائمة لمملكة البحرين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، برئاسة السفير جمال فارس الرويعي، هذا الحراك الدبلوماسي الفاعل. فقد تجاوزت البعثة الأطر البروتوكولية المعتادة، ونجحت في بناء جسور تواصل حقيقية مع مختلف المجموعات الإقليمية والسياسية داخل الأمم المتحدة. وقد جاء هذا الجهد بالتنسيق الوثيق مع وزارة الخارجية وسفارات البحرين حول العالم، لضمان إيصال رسالة المملكة بشكل واضح وعميق. 

وتقول البحرين للمجتمع الدولي بصوت واضح: نحن هنا في شراكة لا في استعراض، في دبلوماسية لا في ضجيج، وفي روح بنّاءة تبني ولا تهدم، توحّد ولا تفرّق، وتبسط اليد بدلاً من رفع الصوت.
إن هذا الترشح يجسّد القيم التي تؤمن بها مملكة البحرين، ويترجم الرؤية التي وضع أسسها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم، وهي رؤية تنادي بالحوار، وتؤمن بأن السلام حجر الأساس في نهضة الأمم ورفاهية الشعوب.
وتؤكد التحركات النشطة التي تقوم بها المملكة، سواء في أروقة الأمم المتحدة أو عبر تواصلها مع مختلف التكتلات الجغرافية والسياسية، أن البحرين ليست مرشحًا عابرًا، بل دولة جادة ومؤثرة تسعى إلى إحداث تغيير إيجابي في آلية عمل مجلس الأمن نحو مزيد من الفاعلية والعدالة والاستجابة.
ويعكس تركيز البحرين على قضايا إنسانية محورية – مثل الوقاية من النزاعات، وحماية المدنيين، وتمكين المرأة، ومشاركة الشباب، والتغير المناخي – وعيًا عميقًا بأولويات المرحلة، ورغبة صادقة في أن تكون عضويتها منصة للحلول لا الصراعات.
وفي عالم يفيض بالتغيرات، باتت الحاجة أكثر إلحاحًا إلى صوت هادئ، متزن، ومبني على الحوار والتعددية. وهذا ما تمثله البحرين بالضبط. فعندما تدخل المملكة مجلس الأمن، فإنها لا تمثل نفسها فقط، بل تحمل معها آمال أمة، ورؤية شعب، وصوتًا عربيًا عقلانيًا نفتخر به جميعًا.
من هنا، فإن عضوية مملكة البحرين في مجلس الأمن لم تعد مجرد حلم، بل هي استحقاق حقيقي نتج عن دبلوماسية راقية، وقيادة حكيمة، وبُعد نظر استراتيجي يحتاجه العالم أكثر من أي وقت مضى.

كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .