العدد 6067
الأحد 25 مايو 2025
banner
نحو نموذج وطني للاتصال الحكومي المتكامل
الأحد 25 مايو 2025

في ظل بيئة تتسم بتحديات متسارعة وتزايد الحاجة إلى تنسيق العمل الحكومي، يُعد إنشاء خدمات الاتصال المشترك محطة مفصلية مهمة في مسار تطوير الاتصال الحكومي في مملكة البحرين، ويمثل ذلك نقلة نوعية تمهّد الطريق نحو خطاب مؤسسي أكثر تكاملاً وفعالية، وتدعم توجهاً متناسقاً لصياغة السياسات الإعلامية الوطنية.
وقد أثبتت التجربة أن تعدد قنوات الاتصال دون رؤية ومنهجية موحدة يؤدي إلى فجوات في الرسائل الإعلامية ويقلل فعاليتها، ومن هنا تنبع أهمية هذا التوجّه من رؤيته الاستراتيجية التي تضع تنسيق الجهود في المقدمة، وتعتمد في بناء السياسات الاتصالية على معايير مهنية واضحة وآليات قوية للمتابعة والتقييم لضمان الجودة والانسجام مع الأولويات الوطنية. وتكمن قيمة هذه الخطوة ليس فقط في بعدها الإداري، بل فيما تعكسه من تحوّل جوهري في فلسفة الاتصال الحكومي، فالاتصال اليوم لم يعد مجرد أداة إعلامية، بل أصبح ركيزة أساسية في دعم جهود التنمية، وتعزيز ثقة الجمهور، والترويج لصورة الوطن على المستويين المحلي والدولي. ويحظى هذا القرار بمزيد من القوة من خلال دعمه من قبل القيادة الحكيمة لجلالة الملك المعظم والمتابعة المستمرة من صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وهو ما يمنحه استدامة وزخمًا عمليًا، ويؤسس لإطار اتصال ممكن قائم على الابتكار والتكامل والحَوكمة.
ويمثّل دمج مديري ورؤساء أقسام الاتصال في الجهات الحكومية ضمن هذا الإطار المشترك خطوة ذكية تعزز التعاون وتخلق بيئة عمل جماعية، كما تحد من الازدواجية، وترفع كفاءة الأداء، وتكرّس صوتًا حكوميًا موحدًا منسجمًا مع أهداف الدولة. 
إضافة إلى ذلك، فإن العمل على تطوير سياسات اتصال موحدة من شأنه ترسيخ الانضباط المهني، وضمان اتساق الرسائل، وتوفير قاعدة صلبة لتوسيع أدوات الاتصال وتحديث المحتوى بما يتوافق مع تطلعات الجمهور ومتطلبات العصر الرقمي.
وهذا القرار لا يمثل نهاية المطاف، بل هو بداية لمسار مهني وإداري جديد في قطاع الاتصال الحكومي، يتطلب تقييمًا مستمرًا، واستثمارًا دائمًا في الكفاءات الوطنية، وتفاعلًا استباقيًا مع المستجدات الإعلامية والتقنية.
ومع التقدّم إلى الأمام، من الضروري الحفاظ على روح المبادرة، وتعزيز ثقافة العمل الجماعي، وإدراك أن نجاح الاتصال الحكومي لا يُقاس بعدد البيانات، بل بمدى تأثيره في وعي المجتمع وإحساسه بالانتماء.
وفي الختام، نثمّن عاليًا هذا القرار الاستراتيجي الخاص بتنظيم خدمات الاتصال المشترك، ونأمل أن يُصبح هذا النموذج من أبرز الإسهامات البحرينية في ترسيخ دعائم الدولة الحديثة القادرة والمرنة، المنطلقة بثقة نحو المستقبل.

كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية